قد حفظ القرآن الكريم وتعلم أصول العربية وأخذ شيئًا من بعض العلوم، كما هو متبع في ذلك الزمان.
ويحدثنا البيهقي نفسه عن نشأته فيقول في كتابه معرفة السنن والآثار (١/ ٢١٢):
"إني منذ نشأت وابتدأت في طلب العلم أكتب أخبار سيدنا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله أجمعين، وأجمع آثار الصحابة الذين كانوا أعلام الدين، وأسمعها ممّن حملها، وأتعرف أحوال رواتها من حفاظها، وأجتهد في تمييز صحيحها من سقيمها، ومرفوعها من موقوفها، وموصولها من مرسلها، ثم أنظر في كتب هؤلاء الأئمة الذين قاموا بعلم الشريعة وبنى كل واحد منهم مذهبه على مبلغ علمه من الكتاب والسنة، فأرى كل واحد منهم رضي الله عنهم جميعهم قصد قصد الحق فيما تكلف واجتهد في أداء ما كلف، وقد وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث صحيح عنه لمن اجتهد فأصاب أجرين، ولمن اجتهد فأخطأ أجرا واحدا، ولا يكون الأجر على الخطأ وإنما يكون على ما تكلف من الاجتهاد، ويرفع عنه إثم الخطأ بأنه إنما كلف الاجتهاد في الحكم على الظاهر دون الباطن، ولا يعلم الغيب إلا الله - عز وجل -، وقد نظر في القياس فأداه القياس إلى غير ما أدى إليه صاحبه كما يؤديه الاجتهاد في القبلة إلى غير ما يؤدي إليه صاحبه، فلا يكون المخطئ منهما عين المطلوب بالاجتهاد مأخوذا إن شاء الله بالخطأ، ويكون مأجورا إن شاء الله على ما تكلف من الاجتهاد. ونحن نرجو ألا يؤخذ على واحد منهم أنه خالف كتابا؛ نصا ولا سنة قائمة ولا جماعة ولا قياسا صحيحا عنده، ولكن قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل، وهذا كله مأخوذ من قول الشافعي - رحمه الله - ومعناه".