بين الأقوال بصنعة المحدّث ومهارة الفقيه ونظر الأصولي لكفى بذلك فضلا.
وما يبرزه هذا الكتاب - وما ماثله في تراثنا العريق - من لوازم المنهج العلميّ السديد من جمْعِ شَتَات القضية العلمية، وإحاطةِ الباحث بأصولها وفروعها، ودِقّةِ النظر فيها ورَصَانةِ مناقشة أدلتها وما يترتب على هذا من صدقٍ ونَصَفَةٍ، هذا كلُّه أمرٌ ينبغي إظهارُه في أيامِنا هذه، لا ليكون منارًا هاديًا لطلبة العلم فحسب، وإنما ليكون أيضًا أنوارًا قاشعةً لظلماتِ أولئك المجترئة على التراث والعلم الشرعي.
ومع هذا فإنّ للكتاب مزايا أخرى لا بد من ذكرها، منها:
• ما يحتويه الكتاب من نقولاتٍ مسندة عن كُتُب نفيسة قد فُقِد أغلبُها، كالجامع الكبير لسفيان الثوري، والمسند لأحمد بن عبيد الصفار، والسنن ليوسف بن يعقوب القاضي، وصحيح الإسماعيلي.
• وما يحتويه الكتاب من نُقُولات عن كتب وصلتنا ولكن نالها من التصحيف والتحريف والسقط ما يحوجنا إلى التوثيق من هذا الكتاب وما ماثله، كالمستدرك للحاكم، والقراءة خلف الإمام للمؤلف، بل قد وقفنا على نصوص كاملة سقطت من بعض الكتب المطبوعة بين أيدينا كالتاريخ لابن معين رواية الدوري.
• وما تضمّنه الكتاب من أحكام خاصة للبيهقي على بعض الأحاديث من ناحية الصحة والضعف والقبول والرفض، وهذا أمر يُقدره المتخصصون.
• وما تفرد بذكره من أقوال في الجرح والتعديل لها أهميةٌ بالغة.
• وما حفظه لنا من أقوال في الجرح والتعديل هي من الأهمية بمكانٍ، خاصة أن مصدرَها الذي استقى منه لم يصلْنا.