للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أنه خلق على صورته التي كان عليها من مبدأ فطرته إلى منقرض عمره لم تتفاوت قامته, ولم تتغير هيئتة, بخلاف سائر الناس, فإن كل واحد منهم يكون أولا نطفة, ثم علقة, ثم مضغة, ثم عظاما وأعصابا عارية, ثم عظاما وأعصابا مكسوة لحما, ثم حيوانا مجتنا في الرحم, لا يأكل ولا يشرب, بل يتغذى من عرق كالنبات, ثم يكون مولودا رضيعا, ثم طفلا مترعرعا, ثم مراهقا, ثم شابا, ثم كهلا, ثم شيخا.

وثانيهما: أنه خلق على صورة حال يختص به, لا يشاركه نوع آخر من المخلوقات, فإنه يوصف مرة بالعلم, وأخرى بالجهل, وتارة بالغواية والعصيان, وأخرى بالهداية والاستغفار, فلحظة يقرن بالشيطان في استحقاق اسم العصيان والإخراج من الجنان, ولحظة يتسم بسمة الاجتباء, ويتوج بتاج الخلافة والاصطفاء, وبرهة يستعمل بتدبير الأرضيين, وساعة يصعد بروحه إلى أعلى عليين, وطورا يشارك البهائم في مأكله ومشربه ومنكحه, وطورا يسابق الكروبيين في فكره وذكره وتسبيحه وتهليله.

وكل من المعنيين سديد مستقيم في تأويل ما روي عن هذا الراوي: أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: " خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا " من غير هذه المقدمة, فأما معها فلأنه ناسب, لأن سياقها سياق التعليل للمنع عن ضرب الوجه ووجوب الاجتناب عنه.

بل إن صحت الرواية في هذا الحديث بأنه قال: " فإن الله خلق

<<  <  ج: ص:  >  >>