والحرام بين, وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس, فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام, كالراعي يرعى حول الحمى, يوشك أن يقع فيه, ألا وإن لكل ملك حمى, ألا وإن حمى الله محارمه, ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب ".
إن الله تعالى بين الحلال والحرام, بأن مهد لكل منها أصلا يتمكن الناظر المتأمل فيه من استخراج أحكام ما يعن له من الجزئيات, وتعرف أحوالها, لكن قد يتفق في الجزئيات ما يقع فيه الاشتباه, لوقوعه بين الأصلين, ومشاركته لأفراد كل منهما من وجه, فينبغي ألا يجترئ المكلف على تعاطيه, بل يتوقف ريثما يتأمل فيه, فيظهر له أنه من أي القبيلين هو, فإن اجتهد ولم يظهر له أثر الرجحان, بل رجع طرف الذهن عن إدراكه حسيرا تركه في حيز التعارض أسيرا, وأعرض عما يريبه إلى ما لا يريبه, استبراء لدينه أن يختل بالوقوع في المحارم, وصيانة لعرضه عن أن يتهم بعدم المبالاة بالمعاصي والبعد عن الورع, فإن من هجم عن الشبهات وتخطى خططها ولم يتوقف دونها وقع في الحرام, إذ الغالب أن ما وقع فيه من الشبهات لا يخلو عن المحارم, كما أن الراعي إذا رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
" ألا ": مركبة من همزة الاستفهام وحرف النفي, لإعطاء معنى