الحديث كما ترى نص صريح على أن جواز الرجوع مقصور على ما وهب الوالد من ولده, وإليه ذهب الشافعي, وعكس الثوري وأصحاب الرأي, وقالوا: لا رجوع للواهب فيما وهب لولده, أو لأحد من محارمه, ولا لأحد الزوجين فيما وهب للآخر, وله الرجوع فيما وهب للأجانب, وجوز مالك الرجوع مطلقا إلا به في هبة أحد الزوجين من الآخر.
وأول بعض الحنفية هذا الحديث بأن قوله:" لا يحل " معناه: التحذير عن الرجوع لا نفي الجواز عنه, كما في قولك: لا يحل للواجد رد السائل.
وقوله:" إلا الوالد لولده " معناه: أن له أن يأخذ ما وهب لولده, ويصرف في نفقته, وسائر ما يجب له عليه وقت حاجته, كسائر أمواله, استيفاء لحقه من ماله, لا استرجاعا لما وهب, ونقضا للهبة, وهو مع بعده عدول عن الظاهر بلا دليل, وما تمسكوا به من قول عمر:(من وهب وهبة لذي رحم جازت, ومن وهب هبة لغير ذي رحم فهو أحق بها, ما لم يثب منها) مع أنه ليس بدليل أقبل تأويلا وأولى بأن يؤول, مع أن الظاهر منه بيان الفرق بين الهبة من المحارم والأجانب في اقتضاء الثواب أصلا, وأن من وهب لأجنبي طمعا في ثواب, فلم يثبه, كان له الرجوع, وقد روي ذلك عنه صريحا, وللشافعي قول قديم يقرب منه, وأبو حنيفة لا يرى لزوم الثواب أصلا, فكيف يحتج به؟.