قال: " الله أعلم بما كانوا عاملين ", فقلت: فذرلري المشركين؟ قال: من آبائهم ",
قلت: بلا عمل؟ قال: " الله أعلم بما كانوا عاملين ".
وقول عائشة بعد ذلك:" يا رسول الله! بلا عمل؟ " سؤال معناه: أن الحكم على الإيمان
والكفر إنما هو بسبب ما يصدر عنه من الإقرار والإنكار, وسائر ما يدل على التصديق
والتكذيب من الأعمال, فكيف يحكم على الذراري بالإيمان والكفر, ولم يظهر منهم ما
يشعر بحالهم؟!
وجوابه: قوله عليه السلام " الله أعلم بما كانوا عاملين ", وهو إشارة إلى أنهم لما لم يأتوا
بما يدل على ما يستعدونه من الخير والشر, ويشعر بحالهم لو عاشوا وبلغوا سن البلوغ,
جنحنا إلى إتباعهم آباءهم, إذ الغالب أن ولد اليهودي يتهود, وولد النصراني يتنصر, وولد
المسلم يسلم, لما غلب على الطباع من التقليد والحرص على المألوف, والميل إلى مشايعة
الأباء وتعظيم شأنهم وترويج آرائهم, فحكمنا بإسلام ولد المسلم وترقبنا خلاصه, وأسجينا كفر
الكافر على ولده, وخفنا عليه بناء على هذا الأمر الظاهر وإن احتمل غيره, كما يتوقع الخلاص
للصالح المذعن ويخاف على الفاسق المتمرد, وإن جاز عكسه, وسيأتيك مزيد كشف لذلك.
...
٤١ – ٦٤ – وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده
من الجنة ", قالوا: يا رسول الله!