للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومن هذا الباب الهجرة من دار الكفر والفسوق إلى دار الإسلام والإيمان، فإنه هجر للمقام بين الكافرين والمنافقين الذين لا يُمكِّنونه من فعل ما أمر الله به، ومن هذا قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}.
النوع الثانى: الهجر على وجه التأديب، وهو هجر من يظهر المنكرات يهجر حتى يتوب منها كما هجر النبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون الثلاثة الذين خلفوا حتى أنزل الله توبتهم حين ظهر منهم ترك الجهاد المتعين عليهم بغير عذر، ولم يهجر من أظهر الخير وإن كان منافقاً؛ فهنا الهجر هو بمنزلة التعزير.
والتعزير يكون لمن ظهر منه ترك الواجبات وفعل المحرمات، كتارك الصلاة والزكاة، والتظاهر بالمظالم والفواحش، والداعى إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة التى ظهر أنها بدع.
وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة إن الدعاة إلى البدع لا تقبل شهادتهم ولا يصلى خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم ولا يناكحون، فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا؛ ولهذا يُفرِّقون بين الداعية وغير الداعية؛ لأن الداعية أظهر المنكرات؛ فاستحق العقوبة، بخلاف الكاتم فإنه ليس شراً من المنافقين الذين كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله، مع علمه بحال كثير منهم، ولهذا جاء فى الحديث: «إن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، ولكن إذا أعلنت فلم تُنْكر ضرَّت العامة». وذلك لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيِّروه؛ أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه».
فالمنكرات الظاهرة يجب إنكارها بخلاف الباطنة، فإن عقوبتها على صاحبها خاصة. =

<<  <   >  >>