للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ ـ قَدَّسَ اللهُ رُوْحَهُ ـ: (وَالْشَارِعُ ـ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ـ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ حَاصِلَاً بِمُجَرَّدِ الْلِّسَانِ فَقَطْ، فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ المَعْلُوْمِ بِالْاضْطِرَارِ مِنَ دِيْنِ الإِسْلَامِ، فَإِنَّ المُنَافِقِيْنَ يَقُوْلُوْنَهَا بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَهُمْ تَحْتَ الجَاحِدِيْنَ لَهَا فِيْ الْدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ الْنَّارِ) (١).


= فمن قال: «لا إله إلا الله» ولم يقم بموجبها بل اكتسب مع ذلك ذنوباً، وكان صادقاً في قولها موقناً بها ـ لكن له ذنوب أضعفت صدقَه ويقينَه ـ وانضاف إلى ذلك الشرك الأصغر العملي؛ رجحت هذه السيئات على هذه الحسنة، ومات مصراً على الذنوب.
بخلاف من يقولها بيقين وصدق، فإنه إمَّا أن لا يكون مصراً على سيئة أصلاً، أويكون توحيده المتضمن لصدقه ويقينه رجح حسناته.
والذين يدخلون النار ممن يقولها، إما أنهم لم يقولوها بالصدق واليقين التامَّيْنِ المنافِيَين للسيئات، أو لرجحانها، أو قالوها واكتسبوا بعد ذلك سيئات رجحت على حسناتهم، ثم ضعُف لذلك صدقهم ويقينهم، ثم لم يقولوها بعد ذلك بصدق ويقين تام؛ لأن الذنوب قد أضعفت ذلك الصدق واليقين من قلوبهم، فقولها من مثل هؤلاء لا يقوى على محو السيئات، فترجحُ سيئاتهم على حسناتهم. انتهى ملخصاً.
وقد ذكر معناه غيره، كابن القيم، وابن رجب، والمنذري، والقاضي عياض، وغيرهم. انتهى.
ينظر: «تيسير العزيز الحميد» (١/ ٢٢٨ ـ ٢٣٤)، و «فتح المجيد» (١/ ١٣٧ ــ ١٤٣).
(١) «مدارج السالكين» ـ ط. الصميعي ـ (٢/ ٨٨٩).

<<  <   >  >>