للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَقُوْلُ: فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَيِّمِ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الله، عَلَى حَسَبِ الْطَّاقَةِ، خُصُوْصَاً فِيْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُ صَرِيْحٌ أَنَّ المُتَقَدِّمَ الْإِيْمَانُ فِيْ (١) قُلُوْبِهِمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}، فَكَيْفَ يُعَارِضُ الْآيَةَ، وَيُؤَوِّلُهَا عَلَى غَيْرِ مَعْنَاهَا، الَّذِيْ تَكَلَّمَ بِهِ رَبُّ الْعَالَمِيْنَ، لَكِنْ لَمَّا أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ المَقَالَةَ، تَغَيَّرَتْ جِبِلَّتُهُ، وَكَثُفَتْ طَبِيْعَتُهُ، وَضَعُفَتْ قَرِيْحَتُهُ، وَدَجَى عَلَى قَلْبِهِ الجَهَلُ؛ حَرَّفَ الْآيةَ، عَلَى مَا يَلِيْقُ لِمَذَهَبْهِ (٢) الْفَاسِدِ، تَحْرِيْفَ الجَاهِلِيْنَ، فَمَا يَجِدُ مَا يَنْتَصِرُ بِهِ لِتَحْرِيْفِهِ الْبَاطِلِ مِنَ الْأَدِلَّةِ غَيْرَ الْنِّسْبَةِ الْكَاذِبَةِ، فَقَالَ: (وَلِابْنِ الْقَيِّمِ وَابْنِ تَيْمِيَّةَ بَعْضُ الِاسْتِدْلَالِ)؛ لِيتَوَارَى بِكَلَامِهِمَا عَنْ شَنِيْعَتِهِ الْبَاطِلَةِ، وَلَمْ يَدْرِ المِسْكِيْنُ كَيْفَ كَلَامُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِيْ ذَلِكَ، أَمْ أَنَّهُ يَدْرِيْ، لَكِنْ عَسَفَهُ هَوَاهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ قَال (٣) - رحمه الله -: (وَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَقُوْلَ لَهُمْ: قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيْمَانِكُمْ، وَقَوْلُ مَنْ يَقُوْلُ (٤):

إِنَّهُمْ كَفَرُوْا بَعْدَ إِيْمَانِهِمْ بِلِسَانِهِمْ، مَعَ كُفْرِهِمْ أَوَّلَاً بِقُلُوْبِهِمْ، لَا يَصِحٌّ؛ لِأَنَّ الْإِيْمَانَ بِالْلِّسَانِ مَعَ كُفْرِ الْقَلْبِ، قَدْ قَارَنَهُ


(١) نهاية الورقة [٢٩] من المخطوط.
(٢) كذا، ولعلها: بمذهبه.
(٣) أي شيخ الإسلام ابن تيمية.
(٤) في «مجموع الفتاوى» زيادة: عن مثل هذه الآيات ..

<<  <   >  >>