للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} الآيَةَ (١) (٢).

فَالمُقِيْمُ فِيْ صَفِّ المُشْرِكِيْنَ لِلْقِتَالِ مِنَ المُسْلِمِينَ، أَعْذَارُهُ الْبَاطِلَةُ غَيْرُ (٣) مَقْبُوْلَةٍ، فَإِنَّهُ ارْتِدَادٌ عَنِ الْإِسْلَامِ ـ نَعُوْذُ بِالله مِنْ ذَلِكَ ـ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ يُقَاتِلُ فِيْ صَفِّ المُشْرِكِيْنَ عَلَيْهِمْ، فَلَا بَأَسَ بِهِ؛ فَإِنَّهُ تَأيِيْدٌ لِلْمُسْلِمِيْنَ، وَتَقَوِيَةٌ لِإِيْمَانِهِمْ، وَزُهْدٌ فِي الْدُّنْيَا، وَرَغْبَةٌ لِمَا عِنْدَ الله مِنَ الْفَوْزِ.

كَمَا أَخْرَجَ «الحَاكِمُ» مِنْ حَدِيْثِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلَاً قَالَ: يَا رَسُولَ الله، لَوْ انْغَمَسْتُ فِي المُشْرِكِيْنَ، فَقَاتَلْتُهُمْ، أَلِيَ الجَنَّةُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». فَانْغَمَسَ الْرَّجُلُ فِيْ صَفِّ المُشْرِكِيْنَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ (٤).


(١) سورة النساء، آية (٩٧).
(٢) أخرجه: «البخاري» (٤٥٩٦) (٧٠٨٥).
(٣) نهاية الورقة [٣١] من المخطوط.
(٤) أخرجه: الحاكم في «المستدرك» (٢/ ١٠٣) (٢٤٦٣) قال: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنَزِيُّ، قال: حدثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قال: حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حدثنا حَمَّادٌ، قال: أَنْبَأَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي رَجُلٌ أَسْوَدُ مُنْتِنُ الرِّيحِ، قَبِيحُ الْوَجْهِ، لَا مَالَ لِي، فَإِنْ أَنَا قَاتَلْتُ هَؤُلَاءِ حَتَّى أُقْتَلَ، فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: «فِي الْجَنَّةِ» فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «قَدْ بَيَّضَ اللهُ وَجْهَكَ، وَطَيَّبَ رِيحَكَ، وَأَكْثَرَ مَالَكَ» وَقَالَ لِهَذَا أَوْ لِغَيْرِهِ: «لَقَدْ رَأَيْتُ زَوْجَتَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، نَازَعَتْهُ جُبَّةً لَهُ مِنْ صُوفٍ، تَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جُبَّتِهِ».
قال الحاكم: (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ). وصحَّحَهُ ابنُ المُلقِّن في «البدر المنير» (٩/ ٩٧).
وفي «البخاري» (٤٠٤٦)، و «مسلم» (١٨٩٩) من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: قال رجل: أينَ أنا يارسول الله إن قُتِلتُ؟ قال: «في الجنة».فألقى تمرات كُنَّ في يَدِهِ، ثمَّ قَاتَلَ حتَّى قُتِلَ.
فائدة: لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - رسالة مطبوعة بعنوان «قاعدة في الانغماس في العدو، وهل يُباح» طُبِعَت في «مكتبة أضواء السلف» في الرياض.

<<  <   >  >>