قال القاضي: المحكم: المفسر، والمتشابه: المجمل؛ لأن الله سبحانه سمَّى المحكمات أم الكتاب، وأم الشيء: الأصل الذي لم يتقدمه غيره؛ فيجب أن يكون المحكم غير محتاج إلى غيره بل هو أصل بنفسه وليس إلا ما ذكرنا. وقال ابن عقيل: المتشابه هو الذي يغمض عِلْمُه على غير العلماء والمحققين، كالآيات التي ظاهرها التعارض، كقوله تعالى: (هذا يوم لا ينطقون) وقال في أخرى: (قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا)، ونحو ذلك. وقال آخرون: المتشابه الحروف المقطعة في أوائل السور، والمحكم ما عداه. وقال آخرون: المحكم: الوعد والوعيد والحرام والحلال؛ والمتشابه: القصص والأمثال. والصحيح أن المتشابه ما ورد في صفات الله سبحانه مما يجب الإيمان به ويحرم التعرض لتأويله كقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) (بل يداه مبسوطتان) (لما خلقت بيدي) (ويبقى وجه ربك) (تجري بأعيننا)، ونحوه. فهذا اتفق السلف - رحمهم الله - على الإقرار به، وإمراره على وجهه، وترك تأويله، فإن الله سبحانه ذم المبتغين لتأويله، وقرنهم في الذم بالذين يبتغون الفتنة، وسماهم أهل زيغ؛ وليس في طلب تأويل ما ذكروه من المجمل وغيره ما يذم به صاحبه بل يمدح عليه، إذ هو طريق إلى معرفة الأحكام، وتمييز الحلال من الحرام، ولأن في الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه منفرد بعلم تأويل =