للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= المتشابه، وأن الوقف الصحيح عند قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} لفظاً ومعنى، أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال: ويقولون آمنا به بالواو، وأما المعنى فلأنه ذم مبتغي التأويل، ولو كان ذلك للراسخين معلوماً؛ لكان مبتغيه ممدوحاً لا مذموماً، ولأن قولهم: آمنا به، يدل على نوع تفويض وتسليم لشيء لم يقفوا على معناه، سيما إذا اتبعوه بقولهم: كل من عند ربنا، فذكرهم ربهم ها هنا يعطي الثقة به، والتسليم لأمره، وأنه صدر منه وجاء من عنده كما جاء من عنده المحكم.
ولأن لفظه (أما) لتفصيل الجمل فذكره لها في الذين في قلوبهم زيغ من وصفه إياهم، لابتغاء المتشابه وابتغاء تأويله؛ يدل على قسم آخر يخالفهم في هذه الصفة، وهم الراسخون، ولو كانوا يعلمون تأويله لم يخالفوا القسم الأول في ابتغاء التأويل.
وإذ قد ثبت أنه غير معلوم التأويل لأحد، فلا يجوز حمله على غير ما ذكرناه؛ لأن ما ذكر من الوجوه لا يعلم تأويله كثير من الناس
فإن قيل: فكيف يخاطب الله الخلق بما لا يعقلونه؟ ! أم كيف ينزِّل على رسوله ما لا يطلع على تأويله؟ !
قلنا: يجوز أن يكلفهم الإيمان بما لا يطلعون على تأويله؛ ليختبر طاعتهم، كما قال تعالى: (ولنبلونكم حتى تعلم المجاهدين منكم والصابرين)، (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم ... ) الآية، (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس)، وكما اختبرهم بالإيمان بالحروف المقطعة، مع أنه لايُعلم معناها. والله أعلم]. انتهى من «روضة الناظر». =

<<  <   >  >>