ولد بمصر ونشأ بها وأخذ الفقه عن العلامة عبد الرحمن البهوتي الحنبلي، تلميذ الشمس محمد الشامي صاحب السيرة، تلميذ الجلال السيوطي، ولازم خاله العلامة الورع الزاهد الفهامة الشيخ منصور البهوتي الحنبلي، شارح (المنتهى) و (الإقناع) ومحشيهما، وأخذ العلوم العقلية عن الشهاب الغنيمي، وعليه تخرج وانتفع، واختص بعده بالعلامة نور الدين علي الشبراملسي، ولازمه في دروسه في كثير من العلوم، فكان لا يفارقه في دروسه في العلوم النظرية، وكان يجري بينهما في الدروس من المحاورات والنكات الدقيقة مالا يعرفه أحد من الحاضرين إلا من كان من أكابر المحققين، وكان الشبراملسي يجله ويثني عليه ويعظمه ويحترمه ولا يخاطبه إلا بغاية التعظيم لما انطوى عليه من الفضل، ولكونه رفيقه في الطلب، ولم يزل ملازمًا له حتى مات.
وكتب كثيرًا من التحريرات منها تحريراته على (الاقناع) وعلى (المنتهى)، جردت بعد موته من هوامش النسختين، فبلغت حاشية الإقناع اثني عشر كراسًا، وحاشية المنتهى أربعين كراسًا، وله (حاشية على شروح العقائد النسفية) للسعد، جردها من خط شيخه الشهاب أحمد الغنيمي ورتبها، وله شعر لطيف وسأورد لك منه ما هو أرق من النسيم وأصفى من ماء التسنيم فمنه قوله:
سمحت بعد قولها لفؤادي … ذُبْ أسىً يا فؤاده وتفتت
ونجا القلب من حبائلِ هجرٍ … نصبتها لسيْره ثم حُلّت
وقوله أيضًا:
كأنّ الدهر في خفض الأعالي … وفي رفع الأسافلةِ اللئامِ
فقيه عنده الأخبارُ صحّت … بتفضيل السجودِ على القيامِ