للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشراء، وكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه ربما دخل من بعض الدور وطرز الحاكة، وربما تسلق. فلما كانت ليلة الجمعة ثقل وقبض صدر النهار فصاح الناس وعلت الأصوات بالبكاء حتى كأن الدنيا قد ارتجت، وامتلأت السكك والشوارع. قال المروزي: أخرجت الجنازة بعد منصرف الناس من الجمعة. قال موسى بن هارون الحافظ: يقال إن أحمد لما مات مسحت الأرض المبسوطة التي وقف الناس للصلاة عليها فحصر مقادير الناس بالمساحة [على التقدير] (٣٨) ستمائة ألف وأكثر سوى ما كان في الأطراف والأماكن المتفرقة. وقيل: كان عدد المصلين عليه ألف ألف وثلاثمائة ألف سوى من كان في السفن في الماء. كذا رواه خشنام بن سعيد. وعن الوركاني وهو رجل كان يسكن إلى جوار الإمام أحمد قال: أسلم يوم مات أحمد من اليهود والنصارى والمجوس عشرون ألفًا وفي لفظ: عشرة آلاف.

[ذكر الداهية الدهياء، والمصيبة الصماء، وهي محنة علماء الزمان ودعاؤهم إلى القول بخلق القرآن]

كان القاضي أحمد بن أبي دؤاد (٣٩) ممن نشأ في العلم، وتضلع بعلم الكلام وصحب فيه هياج بن العلاء السُلَمي صاحب واصل بن عطاء (٤٠) أحد رؤوس


(٣٨) المناقب ٤١٥.
(٣٩) أحمد بن أبي دؤاد بن جرير بن مالك الإيادي أحد القضاة المشهورين من المعتزلة ورأس فتنة القول بخلق القرآن قدم به أبوه من قنسرين إلى دمشق فنشأ بها ثم رحل إلى العراق كان فصيحًا داهية توفي مفلوجًا في أول خلافة المتوكل سنة ١٢٣٣ [الأعلام ١/ ١١٢٠].
(٤٠) واصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة ومن أئمة البلغاء والمتكلمين سمي أصحابه بالمعتزلة لاعتزاله حلقة درس الحسن البصري ومنهم طائفة تنسب إليه تسمى (الواصلية) وهو الذي نشر مذهب الاعتزال في الآفاق ولد بالمدينة سنة ٨٠ هـ وكانت به لثغة استطاع أن يتغلب عليها له تصانيف وتوفى سنة ١٣١ هـ.

<<  <   >  >>