للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشاطبية والتيسير، وقرأ القرآن العظيم أيضًا بعدهما على الشيخ البرهان إبراهيم بن عباس الحافظ، وأخذ الفقه عن أبي زوجته نفيسة خاتون الشيخ الإمام مصطفى بن عبد الحق اللّبدي وعن [] (٥٢) محمد بن عبد الجليل المواهبي وشيخهما أبي التقي عبد القادر بن عمر التغلبي ولزمه في ليله ونهاره، وكان يجلس عنده في دكانه المعدّة لتجليد الكتب دائمًا في كل يوم للأخذ عنه والتأدب بآدابه، ولقي الجد العارف المحقق أبا إسمعيل عبد الغني بن إسمعيل النابلسي قدّس سره فلّما دخل عليه وقرأ بين يديه عن ظهر قلب سورة طه أجازه بما تجوز له روايته ودعا له، وأخذ عن غير هؤلاء من الشيوخ، ولما مات والده جلس مكانه لتأديب الاطفال وإقرائهم في دارهم الكائنة بالدخلة بقرب حمام الأمير أسامة (٥٣)، ثم بعد وقوع الزلزلة في سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف انتقل منها للمكتب الكائن بالدخلة قبلي الحمام المزبور، وقرأ عليه الناس طبقة بعد طبقة بحيث إنه كان يقرئ الآباء والأبناء وأبناء الأبناء، وكان له نفس مبارك على المتعلمين بحسن إخلاصه، وكان يؤم بالحنابلة في محراب الرابعة (٥٤) من الجامع الشريف الأموي، ويخطب في جامع بني المرادي بمحلة سويقة صاروجا، وكان مشتغلًا بنفسه لا يخالط أحدًا ولا يعرف المداهنة والمماراة ويتعيش مما يأتيه من أجرة الإقراء للأولاد المسمى بالخميسية (٥٥) عند أهل دمشق. وقد قرأت عليه ولله الحمد ختمات من القرآن العظيم، وأخذت عنه ولزمته مدة ورباني التربية الحسنة، وكان يعاملني بالملاطفة مع شدة بأسه على


(٥٢) فراغ بمقدار كلمة.
(٥٣) حمام الأمير أسامة: ويقال له حمام سامي جانب المدرسة الباذرائية بين حي العمارة والجامع الأموي (مشافهة الأستاذ دهمان) ومنادمة الأطلال ٨٧.
(٥٤) أي محراب صلاة الحنابلة وهي صلاة الجماعة الرابعة في الجامع الأموي.
(٥٥) الخميسية هي ما يدفع لمؤدب الأطفال وسميت كذلك لأنها تدفع كلّ خميس.

<<  <   >  >>