للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحسن العوم أم لا، وهو ظاهر المدونة، بل نص فيها على أنه يقتل به، وإن رماه على وجه العداوة، وإن لم يدر أنه لا يحسن العوم فما بالك بمن علم أنه لا يحسن العوم (١). قال في المدونة: وإن طرحه في نهر ولم يدرِ أنه لا يحسن العوم فمات، فإن كان على وجه العداوة والقتل قتل به، وإن كان على غير ذلك ففيه الدية فلا يقتل به (٢)، وإليه أشار بقوله: (وَإِلا فَدِيَةٌ). ابن يونس: يريد: وتكون الدية على العاقلة.

ولما انقضى كلامه على المباشرة أتبعه بالكلام على التسبب فقال: (وَكَحَفْرِ بِئْرٍ، وَإِنْ بِبَيْتهِ).

ابن شاس: عن مالك فيمن حفر بئرًا لإهلاك لص فهلك فيها، أو حفرها في طريق المسلمين فهلك فيها أحد فإنه يقتل به، فأما قول مالك في المجموعة والموازية: فيمن حفر بئرًا على طريق المسلمين مما (٣) لا يجوز له أنه ضامن لما أصاب من ذلك، وجعل فيه الدية دون القصاص- فلأنه لم يفعله لقتل أحد، وقد قال أشهب: إنه إذا حفرها لسارق أو طارق أو عدو فإنه ضامن لمن أصيب منهم فيها، ولو كانت في أرضه أو داره (٤)، ولهذا قال هنا: (وإِنْ بِبَيْتهِ).

قوله: (وَوَضْعِ مُزْلقٍ) أشار بهذا إلى ما وقع لمالك فيمن رش فناءه بالماء ليزلق من مر به من إنسان وغيره فهو ضامن، وفي المجموعة عن مالك: إذا كان تبردًا أو تنظفًا فزلق به أحد فهلك -فلا يضمن (٥). بعض البغداديين: ومن وضع قشور البطيخ في طريق المسلمين قصدًا لإهلاكهم فهلك بذلك بعضهم- فإنه يقتل به (٦).

قوله: (أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ) يعني: إذا فعل ذلك قصدًا للإضرار وحيث لا يجوز


(١) قوله: (العوم فما بالك بمن علم أنه لا يحسن العوم) يقابله في (ن): (ذلك فهل ظنك عن علم أنه لا يحسن ذلك).
(٢) انظر: المدونة: ٤/ ٦٧٣.
(٣) في (ن ٣): (فيما).
(٤) انظر: عقد الجواهر: ٣/ ١٠٩١ و ١٠٩٢.
(٥) انظر: النوادر والزيادات: ١٣/ ٥١٩.
(٦) انظر: عقد الجواهر: ٣/ ١٠٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>