للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له (١)، وأما لو فعل ذلك حيث يجوز له مثل أن ينزل عنها ويدخل لحاجة وهي واقفة في الطريق- فلا يضمن، وكذا على باب المسجد أو باب الأمير أو باب السوق فلا يضمن شيئًا من ذلك، وليس هذا كمن اتخذ (٢) مربطًا في طريق المسلمين.

قوله: (وَاتِّخاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ تُقُدِّمَ لِصَاحِبِهِ) أي: بالإنذار من اتخاذه، ومثل الجدار المائل يتركه صاحبه بعد التقدم إليه فيه، وهو مذهب المدونة فيهما (٣)، وإن لم يكن ثم سلطان، وفي سماع عبد الملك: لا يضمن إلا أن يتقدم إليه في ذلك السلطان، وقال أشهب: يضمن وإن لم يتقدم إليه ولا أشهد عليه، وقيل: لا يضمن بحال وإن تقدم إليه. ابن رشد: وهذا إنما هو إذا اتخذ الكلب حيث يجوز له، فأما إذا اتخذه في موضع لا يجوز له فلا خلاف أنه ضامن (٤).

قوله: (قَصْدًا لِلضَّرَرِ، وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ) يريد: أنه إنما يقتص منه (٥) بشرطين، الأول: أن يفعل ذلك قصدًا لإهلاك شخص، الثاني: أن يهلك فيه ذلك الشخص بعينه، فلو فعلها لا لقصد ضرر أو فعلها كذلك إلا أن المقصود لم يقع فيها، وإنما وقع فيها غيره، فهلك فإنه لا قود عليه، وإنما عليه الدية، وإليه أشار بقوله: (وَإِلا فَالدِّيَةُ) فالاستثناء راجع لقوله: (وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ) لا إليه وإلى ما قبله، وإلا لزم عليه أنه إذا احتفرها في موضع يجوز له من ملكه لضرورة عرضت له لا لقصد إضرار أحد (٦) فوقع فيها إنسان أو غيره- أنه يضمنه (٧)، وليس كذلك.

قوله: (وَكَالإِكْرَاه) هو معطوف على قوله: (وَكَحَفْرِ بِئْرٍ) والمعني أن من أكره شخصًا على قتل غيره فإنه يقتل لتسببه، وسيأتي في المكرَه بفتح الراء مفصلًا.

قوله: (وتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ) يريد: أن من قدم لشخص طعامًا مسمومًا فأكله فمات، فإنه


(١) قوله: (إذا فعل ذلك قصدًا للإضرار وحيث لا يجوز له) يقابله في (ن): (إذا جعل ذلك عادة).
(٢) في (ن): (اتخذها).
(٣) انظر: المدونة: ٤/ ٦٦٦.
(٤) انظر: البيان والتحصيل: ٣٩٧/ ٩ و ٣٩٨.
(٥) قوله: (يقتص منه) في (ن ٣): (يضمن)، وفي (ن): (يقتص).
(٦) قوله: (أحد) ساقط من (ن).
(٧) قوله: (يضمنه) في (ن ٤): (لا يضمنه).

<<  <  ج: ص:  >  >>