للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسيأتي لهذا مزيد بيان في موضعه إنْ شاء الله تعالى. ومثال الذي يعسر الاحتراز منه: الهر، والفأرة، ونحوهما. وما لا يعسر نحو: البغال والحمير.

بخلاف غيره من المفاهيم فلا يُعْتَبَر بل يصرِّح بذكره دون [غيره] (١) من مفاهيم المخالفة؛ لأنَّ مفهوم (٢) الموافقة (٣): كون المسكوت عنه موافقًا في الحكم، ويسمى لحن الخطاب (٤) كتحريم الضرب من قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٣]، وكالجزاء بما فوق المثقال من: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧]، وهو تنبيه بالأدنى، فلا يحسن تقديم مفهوم الشرط عليه؛ لأنَّ من نفى القياس قال به، وهو قطعيٌّ كالمثالين، وظنيٌّ كقول الشافعي - رضي الله عنه - في كفارة العمد واليمين الغموس.

أمَّا تقديم مفهوم الشرط على مفاهيم المخالفة، وهو كون المسكوت عنه مخالفًا في الحكم، ويسمى دليل الخطاب؛ فلأنه أقوا ها ولا يسمي (٥) مفهوم اللقب الذي هو أضعفها، ولم يقل به إلا طائفة منهم الدقاق وبعض الحنابلة.

وقد عُلم أنّ المفهوم ما دلَّت (٦) عليه في محل النطق دلالة المنطوق، وهو: صريح، وهو: ما وضع اللفظ له، وغير صريح ما يلزم عنها (٧) اللفظ؛ فإن قصدوا توقفَ


(١) ما بين المعكوفتين زيادة يقتضيها السياق ومكانها في (ح ٢) خرم.
(٢) قوله: (البغال والحمير ... ومن مفاهيم المخالفة لأنَّ مفهوم) ساقط من (ح ١) و (ن). قلت: السياق مضطربٌ؛ فلعل في النسخة المرموز لها (ح ٢) سقطًا أيضًا. والله أعلم.
(٣) مفهوم الموافقة هو: إثبات حكم المنطوق به للمسكوت عنه بطريق الأَوْلى كما يترادف مفهوم المخالفة ودليل الخطاب وتنبيهه. ومفهوم الموافقة نوعان: أحدهما: إثباته في الأكثر نحو قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فإنه يقتضي تحريم الضرب بطريق الأولى، وثانيهما: إثباته في الأقل نحو قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} فإنه يقتضي ثبوت الأمانة في الدرهم بطريق الأَوْلَى. وانظر: الذخيرة، للقرافي: ١/ ٦٤.
(٤) في (ن): (نحو الخطاب ونحو).
ولحن الخطاب هو: دلالة الاقتضاء وهو دلالة اللفظ التزامًا على ما لا يستقل الحكم إلا به وإن كان اللفظ لا يقتضيه وضعًا نحو قوله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} تقديره فضرب فانفلق، وقوله تعالى: {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ} إلى قوله: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا} تقديره فأتياه، وقيل: هو فحوى الخطاب وهو خلاف لفظي. وانظر: الذخيرة، للقرافي: ١/ ٦٢.
(٥) في (ح ٢): (لا سيما).
(٦) في (ن): (دل).
(٧) في (ح ١) و (ح ٢): (عند).

<<  <  ج: ص:  >  >>