للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ}. ودلالتها من وجهين:

أحدهما: قوله: {فهدى الله الذين آمنوا}؛ خَصَّهم بالهداية. وتلك الهداية إِمّا الإِرشاد المجرَّد، أو الإِرشاد المقيَّد بصحبة التوفيق. والأوّل باطلٌ؛ لأنّه لم يُختَصّ به المؤمنون. بل الله سبحانه أَرشد الفريقين إِلى طريق الحقّ، بدليل قوله: {وهديناه النجدين}، {وأما ثمود فهديناهم}. فتعَّن أنّ الهدى الذي اختُصّ به المؤمنون هو الهدى المصاحِب للتوفيق إِلى غاية التحقيق؛ وذلك بخلق دواعى الاتّباع، ونفي دواعي الامتناعِ.

الوجه الثاني: قوله، {والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم}. والهدى فيما هو المذكور في الوجه قبله؛ وقد خصّ به من يشاء. وقد صرّح اللهُ سبحانه بالدعاء عامًّا والهداية خاصًّا في قوله: {والله يدعو إِلة دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم}.

ومنها قوله تعالى: {لو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم}، إلى قوله: {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}. تقدير الآيةِ ونظائرِها: "لو شاء الله أن لا يفعلوا، أو أن لا يقتتلوا، لما اقتَتَلوا". فقد أقرّهم سبحانه على الاقتتال مع قدرته على رفعِه عنهم وصرفِهم عنه؛ وعلّل بأنّه يفعل ما يريد. والقبح فيها لازمٌ على المعتزلة؛ حيث لم يراعِ مصلحةَ المقتتلين بصرفِهم عن الاقتتال؛ ولا مصلحة فيه بحال ذلك عليها.

قال ابن المنير: "ومن عادة الزمخشريّ في تفسيره أن يُؤول أي الإِثبات على ما يوافِق رأيَه في الاعتزال. لكن أَعرضَ عن الكلام على المشيئة ها هنا، لاعتيِاصِه عليه. وهو دليلٌ على فساد مذهبِه". قلتُ: والذي ذكر الزمخشريّ في الكشّاف أن قال: "لو شاء

<<  <   >  >>