قبحًا في الفعل، وإِن لم يؤثِّر في وجود ذاته. وليس ذلك المرادَ من الآية. إِنما المرادُ الأعيان؛ بدليل ما قبل الآية وبعدها؛ وهو قوله تعالى:{الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت}، إلى قوله:{ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير}. فدلّ على أنّ المراد بالخلق المذكورِ الأعيانُ المحسوسة، وأنّه لا تفاوُت فيها فيما تقتضيه الحكمةُ؛ بل خُلِقُ كلُّ شيء منها طبقَ الحكمةِ التي خُلِق لها.
وأمّا الخامس، فالآيات الواردة بالتخيير بين الفعل والترك، إمِّا محمولةٌ على التعجيز؛ أي "اعملوا ما استطعتم، فلا خروج لكم عن مقتضى إِرادتي وقهرِ قدرتي"، كقوله:{يا معشر الجن .. إن استطعتم أن تنفذوا .. فانفذوا}. أو على التخيير الصوريّ باعتبار التصرُّف التكليفيّ. على أنّ قوله:{من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}، هو في التهديد؛ نحو:{اعملوا ما شئتم}.
وأمّا السابع، ففائدة الاستعانة الإِعانةُ واللطف لدفعِ الخذلان الموجِب للشقاوة. على أنّ الأمر مفروغٌ منه. فمَن سبقت له السعادة بالإِعانة، وُفق للاستعانة، وخُلِق فيه داعيها؛ ومَن لا، فلا.
وبعد هذا كلّه، فلا تَنْسَ ما قررّناه مِن حُكم الله سبحانه في الخلق بعلمه. فأَحسبُ أنّه سرّ القدرونكتته.
[حجّةٌ على إِثبات نبوّة محمدِ صلى الله عليه وسلم؛ وهي نكتةٌ أجنبيةٌ عن الباب]
وإِذ قد انتهى الكلامُ بنا إِلى ها هنا، فلنردف أي الكتاب بأحاديث السنّة في الباب، بعد ذِكرِ نكتةٍ نورِدها استطرادًا، ليست من الباب في شيءٍ، لكنّها مستفادةٌ مما ذكرنا مِن أي القدرِ بطريق الاستدلال. وهي أنّا قد أَورَدنا الآياتِ المختلفة ظاهرًا فيما يتعلَّق بالقدر. فنقول: وُرود هذه الآيات المتعارِضة ظاهرًا في ذلك حجّةٌ قويّةٌ على إِثبات نبوّةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم على منكِريها.