استبقاء نفسه. بل هي أفعالٌ من أحوالٍ وأنواعٍ في أزمانٍ متطاولةِ، لا يمكن إِقاعُها دفعةً واحدةً. فلا جرم احتاج إِلى استبقاء نفسه وإِلى المالكيّة لأجله.
[فروع قاعدته في الماليّة وأهليّة الأملاك]
ثمّ بَنى على هذه القاعدة مسائلَ.
[تصرفُّ العبدِ المأذون له]
منها أنّ العبد المأذون له في نوعٍ من التصرُّفات يَصير مأذونًا له في الأنواع كلّها؛ لأنّ بالإِذن ارتَفَع الحَجرُ وظَهَرَت مالكيّتُه بمقتضى التكليف. والمانع له إِنما كان تَعَلُّق حقِّ السيّد بخدمته. فاذا أسطقه في نوعٍ أو زمنٍ ما، سقطت في الأزمان كلّها.
[تصرُّف الصبيِّ المأذون له]
ومنها أنّ الصبيّ المأذون له إِذا تصرَّف، نفذ تصرُّفه؛ لأنّه على حالٍ، لكونه عليها يَتمكَّن من الاختصاصِ بالأموال والتصرُّفِ فيها.
قلتُ: تَبيَّن من كلامه هذا، ومما سبق، أنّ مرادَه بأنّ الإِنسان إِذا استجمعَ أمورًا يلازِمهاالتكليفُ، وَجَبَ الاستبقاءُ. لأنّه ما دام يَترقّى إِلى التكليف من حالٍ إِلى حالٍ بالتدريج، فهو متهيٌ للمُلك، ومتوقَّعٌ لوجوب استبقاء نفسه في الثاني؛ لأنّه جَعَل الصبىَ متّصفًا بالحال التي تصحُّ بها المالكيّة. فوجَبَ حملُ كلامِه على ما ذكرنا. لكنّ قصور عبارته عن مُراده أوقَع في كلامه الإِشعارَ بالاضطرابات.
[تجزُّؤ العتقِ]
ومنها أنّ العتق يَتَجزّأ؛ لأنّ المملوكيّة ليست وصفًا قائمًا بالمملوك. بل هو بحقّ الأصل متهيِّئٌ لمُلكِ الأشياء، قابلٌ له، غير قابلٍ لأن يملكه غيرُه. وإِطلاق اسمِ "المملوك" عليه تجوُّز شرعيُّ شرعي، معناه أنّ اختصاص غيره باستعماله والانتفاع به مانعٌ له من التصرُّف في نفسه. ثمّ ذلك المانع قد يَثبُت لشخصٍ واحدِ، وقد يَثبُت لشخصين، فأكثر، يشتركان في الاختصاص باستعماله. فإِذا قُدِّر زوالُ المانع من جهة أحدهما، لسببٍ،