للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَرَجلِكَ}، وقوله: {أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين}. فكان الله سبحانه هو الذي زَيَّنَ للجميع أعمالهم؛ بدليل قوله: {زينا لهم أعمالهم}. لكنّ تزيينَ اللهِ سبحانه بالقضاء والقدر وخلقِ الدواعي، وتزيينَ الشيطانِ بالوسوسة والإِغواء.

ومنها قول صالحِ لقومه: {بل أنتم قوم تفتنون}. فلم يُسَمِّ الفاعلَ. فالفاعل لعم إِمّا الله، كقوله: {زينا لهم أعمالهم}، وقول موسى، {إن هي إلا فتنتك}؛ أو الشيطان، بقضاء الله، لما سبق آنفًا. وعلى التقديرين، ففتنتهم مضافةٌ إِلى الله سبحانه.

[سورة القصص]

فمنها قوله تعالى: {إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}.

ومنها قوله سبحانه: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة}، إِلبى قوله: {وله الحكم وإليه ترجعون}. وجهُ دلالتها أنه نَفَى الخيِرةَ نفيًا عامًا؛ فيتناول نفىَ خيرتهم في أفعالهم. فدلّ على أنَ العبد غير مختارٍ عملًا؛ بمقتضى قوله: {وربك يخلق ما يشاء ويختار}. ثمّ أكدّ ذلك بقوله، {وله الحكم}؛ أي جميع الحكمِ؛ أي جميع الحكمِ؛ فلا حُكم إِلاّ له سبحانه. ولو كان العبد موجًدا لأفعاله، لكان حاكمًا على نفسه؛ فلا يكون الحُكم كلّه لله؛ وهو خلاف النصِّ. وأيضًا، كما أنّ عبدَ أحدِنا لا يَتصرَّف إِلاّ بإِذنه التكليفيّ الخطابيّ؛ كذلك عبد الله لا يتصرَّف إِلاّ بأمره الكونيّ القدَريّ.

<<  <   >  >>