للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله مشيئةَ إِلجاء ما اقتتلوا". وهذا تأويلٌ منه للآية. إِلاّ إِنّه تأويلٌ فاسدٌ. لأنّ مشيئته لا تكون إِلاّ ملجِئةً.

ومنها قوله تعالى: {ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به}. وهي دلالة على جواز تكليف ما لا يطاق، ومحل النزاع منه. وعورَض بأول الآية، {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}. فالآية يُستدل بها من الطريقين. وقد سبق الاستدلال بها والكلام عليه في مسألة تكليف المحال.

[سورة آل عمران]

فمنها قوله تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إِذ هديتنا}. أخبر اللهُ سبحانه أنّ هذا قول الراسخين في العلم، مادحًا لهم بذلك. وقد نَسَبوا إِليه إِزاغةَ القلوب وهدايَتهم وإِقرارُ اللهِ سبحانه على الكلام كقوله إيّاه. ولو كان كما زعمه المعتزلةُ، لذمّهم على ذلك وأَنكَر عليهم، وقال: "أنا لا أُزيغ قلب أحدٍ، ولا أَهدي أحدًا؛ بل الناس يَفعلون ذلك بأنفسهم"؛ لأنّ ذلك كان أصلح لقائله؛ إِذ هو إِرشادٌ إِلى قول الحقّ، وهو واجبٌ على الله عند المعتزلة.

وأيضًا، فإنّ هذا تركٌ لبيانٍ عند الحاجة إِليه قطعًا؛ وقد سبق اتّفاقُهم على أنّه لا يجوز. فحيث سمّى اللهُ سبحانه قائلَ هذه المقالة "راسخًا" في العلم"، دَلّ على أنّ مخالِفه راسخٌ في الجهل. وهم يَتَأوّلون الآيةَ على معنى "لا تبلِنا ببلايا تِزِيغ فيها قلبوُنا، ولا تمنعنا أَلطافَك". وهو تحريفٌ، ثمّ لا يَنفعهم؛ لأنّه سبحانه حينئذٍ يكون مضطرًّا لهم إشلى الزيغ بالبلايا ومعِ الألطفاِ.

ومنها قوله تعالى: {زين للناس حب الشهوات}، الآية. فالمزيِّن لها إِمّا الله سبحانه، بدليل قوله: {كذلك زينا لكل أمة عملهم}؛ أو الشيطان، بدليل قوله تعالى:

<<  <   >  >>