سبحانه مُريدٌ لجميع الكائنات. وهو أنّ قضاءَ اللهِ حُكمُه؛ والكفرَ ونحوه واقعٌ بحُكمِه وقضائِه؛ فهو مَقضيُّ، لا قضاءٌ. وإِنما يجب الرضا بقضاء الله، لا بمقضِيّه، مِن الكفر والمعاصي. والمقضيّ هو مُتَعَلَّق القضاءِ، ومحلُّ تأثيرِه. والله أعلم.
هذه أضعف ما للخصوم في المسألة من الشُّبه. وقد وَقَع الجوابُ عنها مبيَّنًا على أصوِلنا التي أحكمناها قبل بطلانِ التحسين والتقبيح، ووجوبِ رعاية المصالح، وجوازِ تكليف المحال.
[كلامٌ على طبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبّار المعتزلىّ]
واعلم أنّ القاضي عبد الجبّار بن أحمد الهمذانيّ، رئيس المعتزلة في عصرِه، ذَكَرَ في طبقات المعتزلة، مِن الطبقة الأوُلى منهم مِن الصحابة، أميرَ المؤمنين عليّ بن أبي طالب- كذلك، قدَّمه في الذِّكر- وأبا بكرٍ، وعمر، وابن عبّاسٍ، وابن عمر؛ قال:"ومَن يجرى مجراهم".
ثمّ ذكر، من الطبقة الثانية منهم، الحَسَنَ والحسين- قال:"وإِنما ذكرناهما في الثانية لنّزِّين بذكرهما هذه الطبقة"- ومحمّد بن عليِّ، يعني ابن الحنفيّة. قال:"ومن التابعين الكبار ممن حكينا عنه العدلَ: السعيد بن المسيِّب، وأصحاب علي عليه السلام وابنِ مسعودٍ".
"ومن الطبقة الثالثة، أبو هاشم عبد الله بن محمّد بن علىّ، وأخوه الحَسَن بن محمّدٍ، والحَسَن البصريّ، وابن سيرين، ومَن في طبقتهم ممن حَكَينا عنه العدلَ".
قال:"وأبو هاشمٍ هو أستاذ واصِل بن عطاء؛ فإِنّه يُحكَى أنّه كان معه في المكتب في دار أبيه، يأخذ عنه وعن أبيه هذه الأصول".
قلتُ: فعلى هذا، محمّد ابن الحنفيّة هو أستاذ واصلٍ في الاعتزال. والمعتزلة يُسمُّون