وحمَل الزمخشريُّ قوله:{أضل أعمالهم}، على معنى:"جَعَلَها كالضالّةِ، بمَضيعَةٍ لا تُقبَل"؛ أو "على أنها ضَلَّت في كُفرهم، أي استُهلِكت، فلم يَظهَر لها أثرٌ"؛ يعني أعمالهم الحسَنةَ، مِن إِطعامِ وقرَي ضعيفٍ، وصِلةِ رَحمٍ؛ من قولهم، " ضلّ اللبنُ في الماء"، إِذا استهُلِك. وقوّاه ابنُ المنيِّر، لمقابَلَتِه بقولِه في المؤمنين، {كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم}.
قلتُ: يعني أنّ معروف الكافر يُستهلَك في كفره، ومنكَرَ المؤمن يُستهلَك في إِيمانه.
ويزيده قوّةً قولُه تعالى:{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا}؛ أي بلا شيءٍ؛ فلم يجدوا له جدوًى. كقوله:{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا}؛ وقوله:{مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف}؛ ونظائر ذلك؛ وقوله في هذه السورة، عقب الآية الثالثة:{ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم}.
ومنها قوله تعالى:{أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم}.
[سورة الفتح]
فمنها قوله تعالى:{ليدخل الله في رحمته من يشاء}.
وقوله:{وألزمهم كلمة التقوى}.
[سورة الحجرات]
فمنها: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق