للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: قال كعبٌ: "خَلَق اللهُ الخلقَ، وعَلِم ما هم عاملون. ثمّ قال لعلمِه: "كُنْ"، فكان كتابًا". قلتُ: يعني قال لمعلومه فيهم: "كُنْ"؛ لأنّ علمه سبحانه لا يَقبَل تأثيرًا وإِرادةً وقدرةً؛ لأنّه سُمّي المعلوم "عِلمًا" تجوُّزًا.

ورَوى عبد الرزّاق، عن مَعْمرٍ، عن قتادة، عن الحَسَن، قال: "مَن كَذّب بالقدر، فقد كذّب القرآنَ". وهذا يدلّ على أنّ تلك الرسالة منحولةٌ على الحَسن.

ومنها قوله سبحانه: {والله يحكم لا معقب لحكمه}. وقد بيّنّا أنّ تَعَلُّق علمِ اللهِ في الأزل بوقوع المعاصي يَستلزم الحكمَ بها، بمعنى القضاء والتقدير؛ لئلاّ يخالِف العلمُ المعلومَ؛ فلا يكون لذلك الحكم عقّبٌ، أي ناقضٌ. ويلزم من ذلك أنّه مقدِّرُ الأفعالِ وموجِدها. والله أعلم.

سورة إِبراهيم عليه السلام

فمنها قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدى من يشاء وهو العزيز الحكيم}. قد ذكر في آخر السورة: {ويضل الله الظالمين}. فللخصم أن يقول: "قوله، يُضلُ مَن} يشاءُ"، عام؛ وقوله، "يُضِلُّ اللهَ الظالمينَ"، خاصٌّ؛ بتقدَّم. وحينئذٍ، ما أضل إِلاّ ظالمًا". لكن قد سبق الجواب عن هذا مستوفىً.

ومنها قوله: {وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا}. وإِذا كان هو الذي هَدى الرسلَ، جاز أن يكون هو الذي أضلّ الكفّارَ. وقد دَلّ على وقوعِه النصوصُ. فإِنّ العبد هو هادي نفسِه عند الخصم، كما أنّه مضلّها وهذه الآية ونحوها ترِد عليه.

<<  <   >  >>