للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسقوطِها عن المرأة ووجوبها، باختلاف حالِ الحيض والطهر شرعًا؛ والسفرِ وعدمِه للتاجر، باختلاف حال ظنِّ الربح وأمنِ الطريق، أو ظنِّ الخسرانِ وخوف اللصوص، عقلًا. وككون الفعل الواحد مصلحةً لزيدٍ، مفسدةً لعمروٍ، لاختلاف الأشخاص. وككون الأكلِ للجائع مصلحةً، والشرب له مفسدةً، لاختلاف الأفعال في ذواتها. وككون القدرِ اليسير نافعًا للشخص، دونَ الكثير من غذاءٍ أو دواءٍ، لاختلاف المقدار.

وإِذا ثبت ذلك، لم يجُز لنا الحكمُ بوجود المصلحة في الفعل، مع تَوَهُّم انعدامِها؛ لِما بَيَّنّا من لُزومِها في المشروعات. بل لابدّ من القطعِ بوجوبها. ولا يكفي جوازُ وجودِها، ولا ظنُّه؛ لمِا بيّنّا من وجوب زيادتها على مصلحة المباح والمندوب. بخِلاف القياسِ وخبرِ الواحدِ؛ حيث وَجَب العملُ بهما؛ لأنّ الدليل القطاع قام على أنّ العمل بهما مصلحةٌ؛ بخلاف ما نحن فيه.

[فروع قاعتدته في الكفّارات والمقدّرات]

ثمّ بَنى على ذلك أنّ الكفّارة لا تجب في قتلِ العَمدِ، ولا يمين الغموس، ولا على من انفَرد برؤية هلال رمضان، فرُدَّت شهادتُه، ثمّ أفطَر؛ لأنّا بيّنّا أنّ المصلحة تختلِف باختلاف الأحوالِ والأشخاص. والكفّارة في هذه المواضع مقدارٌ محدودٌ، لا يخلِف بزيادةٍ ولا نقصٍ. فنحن لا نَعلم أنّ إِيجابها في هذه المسائل مصلحةٌ أم لا؛ لجواز اختلاف المصلحة، بما ذكَرنا وبَيّنّا أنّ هذه المصلحة لا يكفي في وجودها الظنُّ، ولنسا بها قاطعين.

[الكلام على قاعدته في الكفّارات والمقدّرات]

قلتُ: الكلام على ما قَرَّرَه. وحاصِلُه أنّ المشروع لابدّ فيه من مصلحةٍ، وأنّ مصلحةَ الواجبِ زيادةٌ على مصلحة الندبِ؛ وأنّه لابدّ من القطع بوجودها، ولا يكفي فيه الظنُّ. وهو منازَعٌ في الجميع. أمّا أنّ المشروع لابدّ فيه من مصلحةٍ، فقد بيّنّا ضعفَه في القاعدة قبلَ هذه. وأمَا أنّ مصلحة الواجب يَلزَم أن تكون زائدةً على مصلحة الندب،

<<  <   >  >>