للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موضوعِ اللفظِ. ثمّ هو مجملٌ. فنحن نقول: "حَكَمَ" بمعنى "قَضَى وقَدَّر"؛ وهو يقول: بمعنى "أَبانَ وأَظَهرَ"؛ وهو نحوٌ من قولهم "الطبع والختم بالتسمية". وأمّا جعلُه ضالًا، أو خذلانه حتى ضَلَّ، فهو تَسليمٌ لما نقول. إِذ جعله ضالًا إِنما هو بخلقِ الضلالِ فيه وخذلانِه، حتى ضل من أسباب خلقِ الضلالِ، كما أنّ التوفيق من أسباب خلقِ الهدى.

الثالث: {ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا}؛ أي إِلى الهدى. والفرق بين هذا والذي قبله أنّ ذاك خاصٌّ، أو في معناه، وهذا عامٌ، لأنّه في سياق الشرط.

ومنها قوله سبحانه: {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا}. وهي كالتي قبلها.

ومنها قوله تعالى، {وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا}. فَنَسَب الطبعَ عليها إِليه. وقد سبق الكلامُ على معنى {بكفرهم}.

ومنها قوله سبحانه: {إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريق إلا طريق جهنم}. فأخبر اللهُ سبحانه بأنّه يهديهم إِلى طريقِ النار، ولا يَهديهم إِلى طريق الجنّة. وإِن لم يكن هذا إِضلالًا، فليس في الوجود إِضلالٌ أصلًا. وقد بيّنّا أنّ كونَ ذلك مرتَّبًا على كفرِهم وظلمِهم لا يَنفي ما نقول بيانًا شافيًا. والله أعلم.

[سورة المائدة]

فمنها قوله تعالى: {فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة}. فَنسَب الإِغراءَ بينهم إِليه. ولا تأثير لكونِه مرتَّبًا على نسيانهم لكوِنه مرتَّبًا على نسيانهم حظًّا منه، لما سبق.

<<  <   >  >>