للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السرّ والجهر، لا يفعل". فإِن قال: "المراد" "بمَنْ" الفاعلون، وإِذا عُلِم الفاعلُ، عُلِم فِعلُه" قلنا: بتقدير تسليمه، تَبطلُل قاعدةُ القدر؛ لأنّه أخبر أنّ معلومه مخلوقٌ له. فإِذا ثبت أنّ الفعل تابعٌ لفاعل في العلم، تَبِعَه أيضًا في الخلقِ، ولَزم القولُ بخلق الأفعال. ومعنى قوله تعالى: {وهو اللطيف الخبير}، أنّ عِلمه سبحانه للطفِه يَتخلّل الأشياءَ، فلا يعزب عنه منها شيءٌ.

[سورة ن]

فمنها قوله تعالى: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}. وقد سبق نظيرها والاستدلال بها في الأعراف.

[سورة الحاقة]

فمنها قوله تعالى: {فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون}. فالذي نبصره الجواهُر والأجسامُ وبعضُ الأعراض. ومِمَّا لا نبصِره بعضُ الأعراض، كالحركاتِ وسائرِ المعانى، والرياحُ والجنّ والشياطين والملائكة والنفوس والعقول والأرواح. فيجوز أن يكون مِن ذلك خلقُ اللهِ للأفعال. ومع جواز ذلك، كيف يَقطعون بأنها مخلوقةٌ للناس، اعتمادًا على مشاهدتهم صدورَها عنهم، كما سبق؟ وهذا إِنما فيه بطلانُ رأيهم، لا تصحيح رأينا. إِذ لا يلزَم من الجواز الوقوعُ.

سورة سائل سائلٌ

فمنها قوله تعالى: {إِن الإنسان خلق هلووعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المضلين}؛ الآيات. فأخبر سبحانه أنّه خَلَق الإِنسانَ مطبوعًا على هذه الأخلاق والأحوال؛ وهي من المعاصي. وخالق الفاعلِ خالقُ هيئته التي خُلِق عليها. إِذ الحال وصفُ هيئةِ الفاعلِ أو المفعول. و {هلوعا} و {جزوعا} و {منوعا} منصوباتٌ على الحال.

<<  <   >  >>