ثمّ إَنّه زعم أنّ سفيان روى الحديث لأصحابه مصرحًا بأن الفرقة الناجية المعتزلة. فلمّا علم أنهم سبقوا إِلى ذلك، أمسك عن التصريح. ولا شك أن العادة تقتضي امتناع كتمان مثل هذا إِذ كيف تخلو حلقة مثل سفيان ممن تمثل نفسه إِلى هذا الحديث، فيصير إِلى المعتزلة، ثم يشيعه، فيشتهر عنه! وهذا حديثٌ غير معروفٍ أصلًا؛ فضلًا عن أن يكون غير مشهورٍ.
وأيضًا، فإِنّ أصحاب سفيان قد نَقلوا عنه وعن غيره في صفات البارئ، وأفعاله، والفتن الواقعة بين أصحابه، ونحو ذلك أعظم من هذا الحديث وقعًا. فلو جزا أن يكتموا شيئًا من الحديث، لكانت تلك أولى بالكتمان.
وأمّا عثمان الطويل، فمعتزلي منهم في إِشادة مذهبه وثبوته بمدح طائفته. ثم هو مجهول عند أهل النقل والرواية. وقد قال الله تعالى:{كذلك زينا لكل أمة عملهم}.
[رسالةٌ في القدر منسوبة للحسن البصري، أوردها القاضي عبد الجبّار]
ثمّ اعلم أنّ عبد الجبّار ذكر عن الحسن رسالةً في نصرة القدر، فقال:
"الحسن البصري ممن دعا إلى الله الدهر الأطول بالموعظة والتصنيف والرسائل والخطب. فالمشهور عنه أن عبد الملك كاتبه، فقال: "إنه قد بلغنا عنك في وصف القدر ما لم يبلغنا عن أحدٍ من الصحابة. فاكتب بقولك إلينا ف هذا الباب" فكتب إِليه:
"سلامٌ عليك. أمّا بعد. فإِنّ الأمير أصبح في قليلٍ من كثيرٍ مضوا والقليل من أهل الخير مغفولٌ عنهم. وقد أدركنْا السلف الذين قاموا بأمرِ الله، واستنوا بسُنَّةِ