للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلم يُبطِلوا حقًا، ولا أَلحَقوا بالربّ إِلاّ ما أَلحَق بنفسه. ولا يحتجُّون إِلاّ بما احتج اللهُ به على خَلقِه؛ وقوله الحقّ: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}. ولم يخلقهم لأمرٍ، ثمّ حال بينهم وبينه؛ لأنّه تعالى ليس {بظلام للعبيد}.

"ولم يكن في السلف أحدٌ يُنكِر ذلك ولا يجادِل فيه؛ لأنهم كانوا على أمرٍ واحدٍ مُتَّسِقٍ. وإِنما أَحدَثنا الكلامَ فيه حيث أَحدَث الناسُ النَكِرة له. فلمّا أَحدَث المحدِثون في دينهم ما أحدثوه، أحدث اللهُ للمتمسكين بكتابه ما يُطفئون به المحدثات، ويحذرون به من المهلِكات".

وذكر "أن الذي أوقعهم فيه سببه الأهواء، وترك كتاب الله. ألم تر إِلى قوله تعالى: {هاتوا برهانكن إن كنتم صادقين}! .

"فافهم، أيّها الأمير، ما أقوله. فإِنّ ما نهى اللهُ عنه، فليس منه؛ لأنّه لا يَرضَى ما يَسخَطُ، وهو من العباد. فإِنّه تعالى يقول: {ولا يرضى لعباده الكفر وإِن تشكروا يرضه لكم}. فلو كان الكفر ممن قضائه وقدره، لرضى به ممن عمله. وقال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}. وقال: {والذى قدر فهدى}؛ ولم يقل: "قدر فأضل". لقد أحكم الله آياته وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال له: {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى}. وقال: {الذى أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}؛ ولم يقل: "ثمّ أصلَّ". وقال: {إن علينا للهدى}؛ ولم يقل: إنّ علينا

<<  <   >  >>