للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سورة هودٍ عليه السلام

فمنها قوله تعالى: {ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون}. يحتمَل أنّ يُجعَل من أدلّة الباب على معنى أنّ الله سبحانه لَمَّا خَتَم على سمعِهم وبصرِهم، صاروا لا يستطيعون سمًعا ولا يبصرون. وحقيقته أنّه أغفَلَهم عن التدبير والنظر؛ فصاروا كمن لا يَسمَع ولا يُبصِر؛ لأنّ سمعهم وبصرهم لم يَنفعهم؛ فصار كالمعدوم المتَعَذِّر. ويحتمل أن يجعل ذلك مَثلًا محضًا؛ أي لبُغضِهم القرآنَ والإِيمان، لا يستطيعون سمعَه وإِبصار مَن يدعوهم إِليه؛ كما يقال: "ما أستطيع أرى فلانًَا، ولا أسمع كلامَه. ولهذا قال بَعدُ: {مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا}.

ومنها قوله سبحانه: {وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن}. وقد مَرَّ الاستدلالُ به في تكليف ما لا يطاق، وغيره.

ومنها قوله تعالى: {ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها}. أي قاهرٌ لها، فلا تَتصرَّف إِلاّ بما يُصرِّفها فيه ويخلق فيه دواعيه. يَدلُّ على أنها في سياق قول هودٍ لقومه، {فكيدونى جميعا ثم لا تنظرون أني توكلت على الله ربى وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها}؛ أي لا تفعلون بى إِلاّ ما يقدَّره اللهُ على أيديكم. وحينئذٍ، يكون الفعل في الحقيقة منه، لا منكم. وأنا راضٍ بما يكون من ربى عزَّ وجلَّ.

ومنها قوله سبحانه: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين}، الآيتين. وقد سبق الاستدلال بهما.

<<  <   >  >>