للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفخِ الروحِ فيه، يجب انتقالُ التركة بموته إِلى بقيّة الورثة دون الجنين. فكيف وقفتم له الميراثَ وهو بحالٍ لا يملك، ثمّ ورّثتموه بشرط الولادة؟ فالجواب إِنّه يملك. والحياة، وإِن لم تُوجَد فيه حالًا، فهو صائرٌ إِليها بحُكم العادةِ المطّرِدة، أو الغالبة، مالًا؛ فهو حيُّ بالقوّة. فقامت هذه القوّةُ مقامَ الفعل لغلبتها واطّراد العادة بها. بخلاف الميّتِ. فإِنّ العادة لم تطّرد بعَوده حيًّا فهذا كلامٌ واضحٌ في المُلك، لا غبار عليه.

[الكلام على فروع قاعدته في الماليّة وأهليّة الأملاك]

أمّا الفروع التي ذكرها، فالأوّل منها ممنوعٌ، وضعفُه أظهر من أن يُظَهر. فقوله: "بالإِذن ارتفع الحجرُ". قلنا: مطلقًا، أو بالنسبة إِلى ما أُذِن له فيه؟ الأوّل ممنوعٌ؛ ولا دليل عليه. والثاني مسلَّمٌ.

قوله، "إِذا رضي السّيدُ بإِسقاط حقّه من خدمة العبدِ في زمانٍ، سقط في جميع الأزمان"، تحكُّمٌ لا رابط فيه، ولا ضابط يحويه. وإِنما هو كمن يقول: "إِذا جاز أكلُ المَيتةِ في وقتِ الضرورة، جاز في جميع الأوقات. وإِذا فُك بالحجر عن العبد بحضور العدوِّ البلدَ، واحتاج الناسُ إِلى دفعِه، على رأي الشافعيَ، انفكّ عنه في جميع الأوقات". ولو صحَّ ذلك، للَزِم منه بطلانُ جميعِ عمومات الشرعِ؛ لأنها مخصوصةٌ بصورٍ معروفةٍ عند العلماء. وتعلُّقُ حقِّ السيدِ بخدمة العبد في عموم الأوقات كعمومات الشرع المتعلِّقة بأفعال المكلَّفين. فلو استفاد العبدُ، بإِذن السيّدِ له في نوعٍ خاص، رَفعَ الحجرِ عنه في كلّ نوعٍ، لاستفاد المكلَّفون، بتخصيص صورةٍ مِن كلّ عام، تخصيصَ جميعِ صُورِه. وذلك محالٌ. وإِنما عَدلُ الشرعِ والعقلِ أن يختصّ تصرُّفه بما بما أُذِن له فيه دون غيره، كسائر التخصيصات.

وأمّا الصبي، فإِن كان مميِّزًا، ففيه خلافٌ بين العلماء. فإِن أُجيز، فكالعبد؛ يختصّ تصرُّفُه بما أُذِن له فيه. وإِن لم يجز، فالفرق بينه وبين العبد التكليفُ وعدمه. وإِن لم يكن مميِّزًا، لم يجز تصرُّفه؛ مظِنَّة التفريط.

وأمّا تجزُّؤ العتِق، فصحيحٌ. لكنّ مأخذه أنّ الإِنسان في أصل الفطرة حرّ بالإِضافة

<<  <   >  >>