للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فسخُ النكاحِ بالعيب]

ومنها أنّ النكاح لا يُفسَخ بالعيب. لأنّه ثَبَتَ مع وجود المنافي ضرورة إِقامة للمعنى الواجبِ. وما ثبت للضرورة تقدَّرَ بقدْرِها في خصوصيّة المعنى المقتضى له؛ فلا يَظهر أثرُه في غيره. وما يتضمّنه الفسخ، من زوال الضرر وإِقامة العدل، قد جُعِل له طريقٌ يَحصُل به، وهو الطلاق.

[الكلام على قاعدته في الأنكحة]

قلتُ: هذه القاعدة ليس نزوعهُا إِلى التصرُّف العقليّ كغيرها. لكنّه يُناقَش فيها تَفقُّهَا؛ فيقال: المعنى الذي ذكرتَ أنّ النكاح تضمَّنه، يجب عقلًا، أو طبعًا، أو شرعًا؟ إِن قلتَ: "عقلًا"، فقد أبطلنا قاعدةَ ذلك. وإِن قلتَ: "طبعًا"، فالطبيعيّات لا مدخَل لها في الشرعيّات. ولهذا، لم يُقدِّر بعض بعضُ العلماء المدّة التي يَلزمُ الزوج وطء الزوجةِ فيها اجتزاءً بداعي الطبع. وإِن قلتَ "شرعًا"، فأين دليله؟ وقوله عليه السلام: " تناكحوا، تناسلوا؛ ومَن رغب عن سنّتي، فليس منّي"، ونحوه، قد حُمِل على الندب، لا الوجوب.

بدليل قولِه: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء}؛ ولو وَجَب، لما عُلِّق باستطابتهم له؛ وقوله تعالى: {وأن تصبروا خير لكم}. وأيضًا، فإننّ العلماء قالوا: "الاقتصار على واحدةٍ أفضل". ولو كان واجبًا، لكان الإِكثارُ منه أفضل، ولوجبَت الأربعُ؛ لأنها غاية الواجب، كالصلاة الرباعيّة. وإِذا لم يجب النكاحُ، لم يجب المعنى الذي تضمَّنه؛ لأنّ ما لا يتمّ الواجبُ إِلاّ به واجبٌ. فإِذا لم يجب ما لا يتمّ غيرُه إِلاّ غيرُه إِلاّ به، عُلِم أنّ ذلك الغير ليس بواجبٍ.

وأمّا قوله، "ثبت النكاحُ مع وجود المنافي"، فله اتَجاهٌ. لكن لو عَكَس عاكسٌ، وقال: إِنما ثّبتَ مع وجود الملائم المناسب، وذلك لأنّ الله سبحانه خَلَق الزوجين الذَّكر والأُنثى على تفاوتٍ في الدين والعقل، كما صحّ به نقلُ الشرعِ، أنّ النساء ناقصاتُ عقلٍ ودينٍ؛ ولذلك كان شهادةُ امرأتين وإرثهما بشهادةِ رجلٍ وإرثِه. والدِّين والعقل

<<  <   >  >>