للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَعَلنا له طريقًا، وهو الطلاق". قلنا: ليست القسمة حاصرةً. إِذ لقائلٍ أن يقول: "المصلحةُ في قَطعِه أو رفعِه بسببٍ خاص، وهو الفسخ".

قلتُ: وقد حكة الزنجانيُّ عن الحنفيّة أن مَورِد عقدِ النكاح عندهم هو الرقية، لا المنفعة، استدلالًا بقوله عليه السلام: "النكاح رقٌّ". إِلاّ أنّه لا يُنتج البيعَ. فإِن ثبت هذا عنهم، جاز أن يَرجِع مأخذُ المسألةِ إِلى أنّ المعقود عليه الرقيَّة، أو منافع البضع؟ فعلى الأوّل، لا يَستحقّ الفسخَ؛ لأنّ الرقّيّة سليمةٌ لا نَقصَ فيها. وعلى الثاني، يَستحقّ؛ لاختلال المنافع بالنفرة الحاصلة عن العيب. والله أعلم.

ومنها قاعدته في الماليّة وأهليّة الأملاك

واضطَرَب كلامُه فيها. وكان حاصلُه أنّ المالك المتصرِّف شرعًا هو المختصّ بحالٍ، لكونه عليها، يتمكَّن من التصرُّف في الأموال بضربٍ من الاختصاص؛ لأنّه محتاجٌ إِلى استبقاءِ نفسهِ، لإقامة رسم التكليف في مُدّته. فلو لم يَثبُت له اختصاصٌ بالأموالأ، لَما كان أولى بها من غيره. والتكليف مشعرٌ بكونه على الحال التي يَتمكَّن بها من الاختصاص بالأموال؛ لأنّ التكليفَ يُشعِر بكونه واجبَ البقاسِ، لإِقامة رسمِه.

ثمّ أُورِدَ عليه سؤالٌ ضعيفٌ. وهو أنّ التكليف إِمّا أن يَدلّ على المالكيّة قبل أوانِ التكليف، أو وقتَ مجيئه؟ والأوّل باطل؛ إِذ لا تكليف قبل أوانه؛ فلا حاجة إِلى الاستبقاء للخروج عن دائرة التكليف. والنفى باطلٌ؛ لأنّ وقت مجيء التكليف يَخرُج عن العهدة بفعل المكلَّف به؛ فلا حاجة إِلى الاستبقاء. فحتاج هو لأجل هذا السؤال إِلى أن قال: "أنا ما جعلتُ ذاتَ التكليفِ دليلَ الماكليّة والاستبقاء، بل قلتُ: إِذا استجمع الإِنسانُ أمورًا يلازمها التكليفُ، يجب عليه الاستبقاءُ؛ لأنّ الإنسان كلّما كَمُل عقلُه، استجمع أمورًا لابدّ أن يُكلَّف معها، إِمّا في الحال، أو في الثاني".

قلتُ: فكلامه بهذا مع ما سبق متهافِتٌ في الظاهر. وإِن أَمكن تصحيحهُ، لكنّ عبارته لم تفِ بمقصوده؛ فأشعَر كلامُه بالاضطراب. والسؤال الذي أَورَدَ عليه فاسدٌ؛ لأنّ التكليف ليس بفعلٍ واحدٍ في حالٍ من التكليف، حتى يَفعله ويَستغنى عن

<<  <   >  >>