للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سورة الرعد]

فمنها قوله سبحانه: {وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال}.

وهو، لكونه في سياق الشرط، عامٌ في كل في كل سوءٍ جَرَى على العبد من خارج نفسه، أو من فِعلِه. وقد أخبر اللهُ أنّ ما أراد مِن ذلك لا مرد له؛ فدّل على أنّه بتقديره. إِذ لو لم يكن بتقديره، لجاز أن يريده، فلا يكون؛ فيكون ما أراده من ذلك مرد، فيخالِفُ الخبرُ الخبرَ.

ومنها قوله سبحانه: {قل الله خالق كل شئ}. ونظيرها في سورة الزمر. وهو عامٌّ في الأعيان والأفعال. لكنّ الاعتراض عليه بأنّه عامٌّ مخصوصٌ بذات الله سبحانه وصفاته، عند المثبِتين لها. والعامّ دلالتُه على جميع الأفراد ظنّيّةٌ، لا قاطعةٌ. فإِذا خُصّ، ازدادَت دلالته ضعفًا؛ لوقوع الخلاف في بقائه حجّةً أم لا، وفي بقائه حقيقةً أو مجازًا. وبتقدير بقائه حجّةً، يجوز تخصيصُ محلِّ النزاع منه بدليلٍ. فنحن نخُص أفعالَ العبادِ مِن هذا العموم بأدلّتنا السابقة. فيبقى المخلوقُ لله سبحانه، ما عدا ذاته وصفاته وأفعال خلقه.

والجواب أنّ العامّ حجّةٌ بالجملة، وسواءٌ كانت دلالته قاطعةً أو ظنّيّةً. وهو حجةٌ بعد التخصيص. وتخصيص محل النزاع من بدليلٍ جائزٌ. لكنّ أدلّتكم السابقة قد أَجَبنا عنها بما مرَّ؛ وأكثرها لازمٌ عليكم.

ومنها قوله سبحانه: {قل إن الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب}. وقد سبق لها نظائر. فإِن قيل: "رَتَّب الهُدى على الإِنابة؛ فدَلّ على أنّه لا يُضِلّ ويَهدي ابتداءً، بل مكافأةً على الطاعة والمعصية"، قلنا: هذا سؤالٌ سبق، وجوابه. وهو إِن ثبت ما ذكرتم، فالضلال والهداية وشبِهها الذي ترتَّبا عليه مخلوقاتٌ لله سبحانه. ويخصّ

<<  <   >  >>