للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للإِضلال". ولا يجوز أن يَنهَى العبادَ عن شيء في العلانيِة، ويقدِّره عليهم في السرّ ربُّنا أَكرَم من ذلك [وأرحم].

"ولو كان الأمرُ كما يقول الجاهلون، ما كان يقول: {اعملوا ما شئتم}؛ ولقال: "اعمَلوا ما قَدَّرتُ عليكم". وقال: {لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر}؛ لأنّه جَعَل فيه مِن القوّة ذلك، ليَنظُر كيف يَعملون. ولو كان الأمر كما قاله المخطئون، لما كان إِليهم أن يَتَقدّموا ولا يتأخَّروا، ولا كان لمتقدِّمٍ حمدٌ فيما عمِل، ولا على متأخَِرٍ لومٌ، ولقال: "جزاءً بما عَملَ بهم"، ولم يقل: "جزاءً بما عملُوا، وبما كَسَبوا".

"وقال تعالى: {ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها}؛ أى بيَّنَ لها ما تأتى وما تَذّرُ. ثمّ قال: {قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها}؛ فلو كان هو الذي دساها، ما كان ليُخَيِّب نفسه، تعالى عمّا يقولون.

"وقال تعالى: {ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار}. فلو كان اللهُ تعالى هو الذي قدَّم لهم الشرَّ، ما قال ذلك.

"وقال تعالى: {وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا}؛ وقال تعالى: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإِما كفورا}؛ {ومن شكر فإنما يشكر لنفسه}. وقال: {وأضل فرعون قومه وما هدى}. وقال تعالى: {وما أضلنا إلا

<<  <   >  >>