للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اشتُقّ لفظُ "الهيلوي"، فكأنّه أعجميُ معرّبٌ)؛ أو حالٌ في المحلّ، وهو الصورة؛ أو مركّبٌ منهما، وهو الجسم؛ أو لا محلٌ ولا حالٌ ولا مركبٌ منهما، وهو إِمّا أن يتعلّق بالجسم تَعلُّق التدبير، وهو النفس، أو لا ينعلّق بها كذلك، وهو العقل".

وبعض الفلاسفة يزعم أنّ العقل مِن المجادات الغنيّة عن المحلّ والموضوع. فهو لا داخل البدن ولا خارجه، ولا متّصلٌ به ولا منفصلٌ عنه. وأعلم أنّ دعوى تجرُّده ممكنةٌ بناءً على أنّه روحانيُّ. أمّا عدم دخوله وخروجه واتّصاله وانفصاله، فهو غير معقولٍ؛ لأنّ النقيين لا يرتفعان.

وقال الأستاذ أبو إِسحق: "العقل معنًى يُتمكّن به مِن الاستدلال على ما وراء المحسوسات".

وقال قومٌ: "هو ما لا يخلو العاقلُ عنه عند التذكّر، ولا يشارِكه فيه مَن ليس بعاقلٍ".

وحُكي عن المعتزلة أنّه ما يُعرَف به حُسنُ الحَسَنِ وقُبحُ القبيحِ. وعن الجبّائي أنّه الداعي إِلى الحَسَنِ، الصادّ عن القبيح. وهو بناءٌ على أصلهم الذي نحن بصدد إِبطاله. والتعريفان قبله مَدخولان، لإِجمال الأوّل، وتعريف العقل في الثاني بنفسه.

وقال قومٌ: "هو ما يُعرَف به خَيرُ الخيرَين وشرُّ الشرَّين". وهو شديد الإِجمال أيضًا.

وقالت الخوارج: " العاقل مَن عقل عن الله أمرّه ونهيَه". وهو فاسدُ، لتعريفه بنفسه.

والذى وقَع عليه اختيار المحقِّقين أنّ العقل ضربٌ من العلوم الضروريّة. وهو العلم بوجوب الواجبات واستجالة المستحيلات وإمكان الممكنات. لأنّه لو لم يكن من قبيل العلوم، لصحّ انفكاكُ أحدهما عن الآخر وهو باطلٌ، لاستحالة وجود عاقلٍ لا يعلم شيئًا البتّة، أو عالمٍ بجميع الأشياء، فليس علمًا بالمحسوسات؛ لحصوله في البهائم والمجانين؛ وليسوا عقلاء. فهو إِذن مِن العلوم الكّليّة. ثمّ ليس من العلوم النظريّة؛ لأنها مشروطةٌ بالعقل

<<  <   >  >>