للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: في هذا بيان أن المراد بالمنع منع التقليد في جنس ما عمل به؛ فيتناقض ما مضى، إلا أن يحمل ما في هذا على غير المختار، ولا يمنع منه دعوى الإجماع لما تقدم من عدم تسليمه، وحمل المنع على بقاء أثر يؤدي إلى الجمع بين ما لا يقول به كل من الأمامين المقلدين؛ فلينتبه له، إذ السؤال وعدم التزام مذهب شامل؛ للعمل ثانياً، بخلاف ما عمل أولاً، وقد أفاد العلامة ابن الهمام جواز تتبع رخص المذهب كما سنذكره، وهذا كما قاله العلامة المحقق، شمس الدين الرملي، نقل القرافي الإجماع على تغيير المقلد بين قولي إمامه على جهة البدل لا الجمع، إذا لم يظهر له ترجيح أحدهما، ولعله أراد إجماع أئمة مذهبه، وإلا فمقتضي مذهبنا معاشر الشافعية -كما قاله السبكي -منع ذلك في القضاء والإفتاء، دون العمل لنفسه. انتهى.

قلت: ومذهب الحنفية المنع عن المرجوح حتى لنفسه؛ لكون المرجوح كان منسوخاً، ثم قال: وبه يجمع بين قول الماوردي: يجوز عندنا? وانتصر له الغزالي -كما يجوز لمن أداه اجتهاده إلى جهتين أن يصلي إلى أيهما شاء إجماعا، وقول الإمام أبي محمد إمام الحرمين: يمتنع إن كانا في حكمين متضادين، كإيجاب وتحريم، بخلاف نحو خصال الكفارة، وأجرى السبكي ذلك، وتبعوه في العمل، بخلاف المذاهب الأربعة، أي مما علمت نسبته لمن يجوز، وجميع شروطه عنده، وحمل على ذلك قول ابن الصلاح: لا يجوز تقليد غير الأئمة، أي في قضاء أو إفتاء، ومحل ذلك وغيره من سائر صور التقليد، ما لم يتتبع الرخص، بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه، وإلا أثم به، بل قيل: يفسق، وهو وجيه، قيل: ومحل ضعفه أن يتتبعها من المذاهب المدونة، وإلا فسق قطعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>