قال السبكي في "شرح المنهاج" في كتاب الوقف ما ملخصه: فإذا تقرر أن الحكم بالصحة أعلى درجات الحكم، فمن شرطه ثبوت ملك البائع، وحيازته، وتصرفه، وأهليته، وصحة صيغته في مذهب القاضي، يعني إذا كان شافعياً.
وأما إذا حكم القاضي في مسألة مختلف فيها، وهي صحيحة عند إمامه، ورفع ذلك الحكم إلى حاكم يرى بطلانها؛ لزم القاضي تنفيذ حكم الحاكم الذي يرى الصحة، إن لم يتبين عنده أن ذلك الحكم بني على سبب باطل، أو أنه ليس هو الصحيح في مذهب إمام من حكم بصحته. فإن تبين له ذلك؛ فليس له تنفيذه، بل له نقضه.
قال السبكي: ومن السجلات الواقعة في تواقيع القضاة، يسجل بثبوته ويحكم بصحته. فإن قلنا: الضمير في قوله: بصحته راجع إلى الثبوت؛ فلا يفيد صحة التصرف فيراجع الحاكم في ذلك. فإن قال: أردت بصحته صحة الثبوت؛ عمل به، هذا إن أمكنت المراجعة. فإن لم تمكن؛ حملناه على الحكم بصحة التصرف، لأنه المتعارف.
قوله: بصحته، يعني أن هذا العقد تترتب عليه آثاره، وحكم القاضي بالصحة إلزام كل أحد بعدم التعرض إليه بفساد أو غيره.
فائدة: الحكم بالصحة له شروط: منها: ثبوت الملك والحيازة.
ومنها: ثبوت أهلية التصرف.
ومنها: صحة الصيغة.
ومنها: كونه وقع من أهله في محله، والحكم في مسألة مختلف فيها؛ يرفع الخلاف موجب الصحة، وجواز العمل لكل آخذ بهذا الحكم.
فصل: وأما الحكم بالموجب؛ فإنه أحط رتبة من الحكم بالصحة، وكثيراً ما يوجد في سجلات القضاة، يسجل بثبوته، ويحكم بموجبه،