للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجعل قصده أحد أمرين:

نصرة الحق ببيان الحجة، ودحض الباطل بإبطال الشبهة، لتكون كلمة الله هي العليا.

ويجتنب الثالث، وهي المغالبة، وبيان الفراهة على الخصم، والترجح عليه في الطريقة. فإذا سأله، هل يحرم النبيذ؟ فيقول المجيب: قد حرمه قوم من العلماء، هذا عند أهل الجدل ليس بجواب، وللسائل أن يضايقه في ذلك، بأن يقول: لم أسألك عن هذا. بل سألتك، أحرام هو؟

فجوابي أن تقول: حرام، أوليس بحرام، أو لا أعلم.

فإن ضايقه، ألجأه للجواب، أو بان جهله لتحقيق الجواب، وليس له أن يجيب بالتعريض لمن سأله بالإفصاح.

ولا يصح الجدل مع الموافقة من المذهب إلا أن يتكلما على طريق المباحثة، فيتقدرون الخلاف لتصح المطالبة، ويتمكن من الزيادة.

إلى أن قال: لا أجد فرقاً.

قال السائل: ليس كل ما لم تجده يكون باطلاً.

[فصل في ترتيب الخصوم في الجدل]

اعلم أنه لا يخلو الخصم في الجدل من أن يكون في طبقة خصمه، أو أعلى أو أدون منه، فإن كان في طبقته، كان قوله له الحق في هذا، كذا دون كذاب من قبل كيت وكيت، ولأجل كذا.

وعلى الآخر أن يتحرى له الموازنة في الخطاب، فذلك أسلم للقلوب وأبقى لشغلها.

وإن كان أعلى؛ فليتحر، وليتجنب القول له: هذا خطأ أو غلط، أوليس كما تقول، بل يكون قوله له: أرأيت إن قال قائل: يلزم على ما ذكرت كذا. وإن اعترض على ما ذكرت معترض بكذا، فإن نفوس الكرام تأبى خشونة الكلام، إذ لا عادة لهم بذلك، وإذا نفرت، عميت

<<  <  ج: ص:  >  >>