للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله. قال الله تعالى: "وجادلهم بالتي أحسن" (١). وقال أيضاً: " قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" (٢).

وفعله الصحابة رضي الله عنهم، كابن عباس، لما جادل الخوارج والحرورية، ورجع منهم خلق كثير. وفعله السلف أيضاً، كعمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه، فإنه جادل الخوارج أيضاً.

فأما إذا كان الجدل على وجه الغلبة والخصومة والغضب.

ووجه المراء، وهو، أي المراء: استخراج غضب المجادل، فمزيل عن طريق الحق، وإليه انصرف النهي عن قيل وقال.

وفيه، أي المراء. غلق باب الفائدة، وفي المجادلة للمناصحة فتحه، أي فتح باب الفائدة.

فأما اجتماع جمع متجادلين، مع أن كلاً منهم لا يطمع أن يرجع إن ظهرت حجة، ولا فيه مؤانسة ومودة وتوطئة القلوب لوعي حق، بل هي على الضد.

قال ابن عقيل: وكل جدل لم يكن الغرض منه نصرة الحق، فإنه وبال على صاحبه، والمضرة فيه أكثر من المنفعة، لأن المخالفة توحش.

ولولا ما يلزم من إنكار الباطل واستنقاذ الهالك بالاجتهاد في رده عن ضلاله ولما حسنت المجادلة، للإيحاش منها غالباً، ولكن فيها أعظم المنفعة إذا قصد بها نصرة الحق والتقوى على الاجتهاد، لا المغالبة وبيان الفراهة نعوذ بالله منها. فإن طلب الرياسة وطلب التقدم بالعلم يهلك، فلو بان له سوء قصد خصمه؛ توجه تحريم مجادلته.

قال ابن مفلح: في توجه تحريم مجادلته خلاف.

وفي "شرح التحرير": قلت: والصحيح من المذهب التحريم.


(١) ١٦/ ١٢٦.
(٢) ٢/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>