قال في "المنتهي وشرحه": وإن شهدت إحداهما، أي إحدى البينتين بالملك لأحد المتنازعين، وشهدت الأخرى بانتقاله عنه، كما لو أقام رجل بينة أن هذه الدار لأبي خلفها تركة، وأقامت المرأة بينة أن أباه أصدقها إياها؛ قدمت الناقلة، وحكم بالدار لامرأة؛ لأن بينتها شهدت بالسبب المقتضي لنقل الملك، وقول الابن: إن أباه خلفها تركة؛ لا يعارضها، لأن مستنده استصحاب اليد، وقد تبين قطعه بقيام البينة على سبب النقل لبينة ملك على بينة يد؛ فإن بينة الملك تقدم على بينة اليد التي هي دليل الملك بغير خلاف. انتهى ...
إلى أن قال: فلو كانت البينة لم تتم بكونه خلفها تركة، وإنما هي شهادة مجردة على زيد أنه وقف هذا العقار على بعض ورثته؛ أوجبنا في شهادة البينة قولها، وأن العقار حينئذ ملكه، لكن قام مقام ذلك دعوى الخصم، وشهادة البينة أنه خلفها تركة، وكذلك الزوجة لو تدعي أن زوجها أصدقها هذه الدار، أو باعها لها، وتقيم بذلك بينة، أوجبنا على البينة أن تشهد أنها في ملكه حين أصدقها أو باعها، والله أعلم، كتبه سليمان بن علي، ومن خطه نقلت.
فائدة: من "المغني": لو مات رجل وترك داراً، فادعى ابنه أنه خلفها ميراثاً، وادعت امرأته أنه أصدقها إياها، وأقام بذلك بينتين؛ حكم بها للمرأة، لأنها تدعي أمراً زائداً خفي على بينة الابن، وسواء شهدت البينة بالشراء وما في معناه أنه باعه ملكه أو ما في يده، أو لم تشهد بذلك، وسواء شهدت بالبيع أو القبض، أو لم تذكر القبض، وبهذا قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا يثبت الملك للمشتري، ولا تزال يد البائع إلا بأن تشهد البينة أنه باعه ملكه أو ما في يده؛ لأن البيع المطلق ليس بحجة، لأنه قد يبيع ما لا يملك.
ولنا: أن بينة البائع أثبتت الملك. فإذا قامت بينة المشتري عليه؛