حكم: إذا قال الحاكم: ثبت عندي أن فلاناً عنده كذا وكذا؛ فهذا ليس بحكم. وإذا قال المنفذ: ثبت عندي أن القاضي فلاناً حكم بكذا فقط؛ فهذا ليس بحكم أيضاً، حتى يقول: ونفذت ما حكم به.
فصل: في الفرق بين ألفاظ الحكم المتداولة في السجلات، وهي على مراتب: منها قوية، وضعيفة.
فأعلاها يسجل بثبوته ويحكم بصحته، أعني بصحة ذلك العقد، وقفاً كان أو بيعاً. قال البلقيني: حقيقة الحكم بالصحة أن يقبل قضاء من له ذلك في أمر قابل لقضائه، ثبت عنده وجوده بشرائطه الممكن ثبوتها، أن ذلك الأمر صدر من أهله في محله على الوجه المعتبر عنده شرعاً.
فقولنا: قضاء. يخرج الثبوت المجرد؛ فإنه ليس بحكم على الصحيح.
وقولنا: من له ذلك. يدخل فيه الإمام ونوابه في ذلك، وحاكم أهل البغي، إذا لم يستحل دماء أهل العدل، وحاكم الكفرة إذا حكم بينهم.
وقولنا: قابل لقضائه. يخرج إذا لم يقبل القضاء، كالعبادة المجردة، وأما من لم يقبل القضاء، ولكن يقبل الإلزام، كما إذا ثبت عنده وجود شيء؛ فإذا هذا الثبوت يكون عاماً، ولا فرق عندنا بين الثبوت بالشاهدين، والشاهد واليمين، وكذا الثبوت بالإقرار وبعلم القاضي.
وأما قولنا: وشرائطه الممكن ثبوتها. يفهم أن جميع الشروط المعتبرة في الحكم بالصحة لا بد من ثبوتها. فالبيع إذا حكم بصحته؛ لا بد أن يكون مقدوراً على تسليمه عندنا، وعند المالكية، كما إذا باع مرهوناً؛ فإنه لا يصح بيعه بغير إذن المرتهن. فهذا وأمثاله لا يحكم فيه بصحة ولا بموجب. وأما إذا رفع إلى الحاكم شيء من هذا، ولم يظهر فيه أنه مرهون ونحوه، وأراد الحكم بالموجب؛ فلا يكلف البائع إلى إقامة بينة أن المبيع ليس مرهوناً، بخلاف ما إذا أراد الحكم بالصحة؛