مسألة: رجل له وراث، منهم ولد من أمته، وله سند (١)، وجاءت زوجته بينة وقالت: تشهد لي بالذهب الذي عندي أحمره وأبيضه، وسنده عندها، فقال: كونوا شهوداً أن الذي عندها لها، هل تجوز الشهادة: أم لا إذا كان ذلك الشيء مجهولاً؟
الجواب: الحمد لله، هذا إقرار، والإقرار يصح بالمجهول، وتصح الشهادة به، لكن يحتمل أن يكون هذا الإقرار ابتداء هبة؛ فلابد من ذكر شروطها، أو إقرار حقيقة فتجري عليه أحكامه، فإن علم المقر به يقيناً أنه ملكه؛ لم يصح إقراره، لأن الإقرار لا ينقل ملكاً، بل يظهره، ولهذا لو شهد الشاهد أنه ملكه إلى أن أقر به؛ بطلت شهادته والحالة هذه، لأن الظاهر ما ذكر أنه ابتداء هبة، والموهوب إذا كان في يد الموهوب له؛ يصح بمجرد اللفظ، فلا يحتاج إلى إذن، والموهوب هنا لا جهالة فيه عند كل من الواهب والمتهب. وقد صرح الأصحاب بأن كل ما صحت الدعوى به صحت الشهادة به، وبالعكس، فإن صحت الدعوى بما ذكر؛ صحت الشهادة به، وإلا فلا، ولم يقل أحد من الأصحاب فيما وقفت عليه من كلامهم أن معرفة الشاهد شرط لصحة الموهوب، ولا شرط لصحة شهادته. وقول العلماء: لا تجوز الشهادة إلا بالعلم ليس على ظاهره، بل تجوز بالظن في كثير من الصور، بل المراد بذلك أن يكون أصل المدرك علماً فقط، فلو شهد بالدين؛ جاز أن يكون الذي عليه الدين قد دفعه؛ فتجوز الشهادة عليه بالاستصحاب الذي لا يفيد إلا الظن، وكذا الثمن في البيع مع احتمال دفعه، وكذا لزوم الإجارة مع جواز الإقالة بعد ذلك بناء على الاستصحاب، وكذا الوقف إذا لم يحكم به حاكم؛ فإن الشهادة إنما تفيد الظن في ذلك فقط، فإذا شهد أن هذا وقف مع احتمال أن يكون حاكم حنفي حكم بنقضه؛ فتأمل هذه المواطن،