للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلة خبرته، وسوء سيرته، وشؤم سريرته، وإنما قصده السمعة، والرياء، ومماثلة الفضلاء والنبلاء المشهورين، والعلماء الراسخين المتبحرين السابقين، ومع هذا فهم ينهون ولا ينتهون، قد أملي لهم بانعكاف الجهل عليهم، وتركوا ما لهم في ذلك وما عليهم.

فمن أقدم على ما ليس له أهل من فتيا، أو قضاء أو تدريس؛ آثم، فإن أكثر منه، وأصر واستمر؛ فسق، ولم يحل قبول قوله، ولا فتياه، ولا قضاؤه. وهذا حكم دين الإسلام، ولا اعتبار بمن خالف هذا الصواب؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد قال ابن أبي داود وغيره: شرط الشافعي في المفتي والقاضي شروطاً لا توجد إلا في الأنبياء. وقال بعض أصحابه: شرط الشافعي شروطاً فيهما؛ تمنع أن يكون بعده حاكم، وكتب سلمان إلى أبي الدرداء: بلغني أنك قد قعدت طبيباً؛ فاحذر أن تقتل مسلماً، وتحرم الفتيا على الجاهل بما يسأل عنه لما سبق من الحديث وإن كان عارفاً لغيره. قال سفيان: أدركت العلماء وهم يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا حتى لا يجدوا بداً من أن يفتوا، وقال: أدركت العلماء والفقهاء يترادون المسائل، يكرهون أن يجيبوا فيها، فإذا أعفوا منها، كان أحب إليهم، وقال: أعلم الناس بالفتيا؛ أسكتهم عنها، وأجهلهم بما أنطقهم فيها .. إلى أن قال:

فصل: ومن تفقه، وقرأ كتاباً أو كتباً من المذهب وهو قاصر لم يتصف بصفة بعض المفتين المذكورين؛ فللعامي أن يقلده إذا لم يجد غيره في بلده وقريباً منه. وإن كان يقدر على السفر إلى مفت؛ لزمه، وقيل: إذا خلت البلد عن مفت؛ حرم السكنى فيها، فإن شق السفر، ذكر مسألة للقاضي المذكور، كأن وجدها مسطورة وهو ممن يقبل خبره، وأخبره بعينه؛ كان المستفتي له مقلداً لصاحب المذهب، لا للحاكي له.

<<  <  ج: ص:  >  >>