ووقع فيه قول عمر - رضي الله عنه -: «لا آكل السَّمن حتَّى يحيا الناس من أول ما يحيون»، فضبط في نسخة عتيقة مقابلة على نسخة ابن بشكوال بضم الياء الأولى في الفعلين وبكسر الياء الثانية في يحيى وضمها في يحيون، وضبط بفتح الياء الأولى، والياء الثانية في الفعلين، وكتب في طرة النسخة أنَّه في أصل ابن أبي الخصال بالضبط الأول، وأنَّه كذلك ضبطه الطلمنكي أيضًا، وكتب في حاشية أصل ابن أبي الخصال أنَّه عند الشيخ أبي علي (أي: الصدفي) بالضبط الثاني، وأن أبا عمر (يعني ابن عبد البرِّ) وأبا الوليد الوقشي (في كتابه) ضبطاه بضم الياء الأولى في الفعلين وفتح الياء الثانية فيهما، وأن أبا الوليد الوقي اختار «يحيي» بضم الياء الأولى، وكسر الثانية في الفعل الأول اهـ، فتلك ثلاثة وجوه أحدها: أن يكون من «أحيا»، يقال: أحيا القوم إذا حييت ماشيتهم أو صاروا في الحيا، أي: الخصب. كذا في «القاموس»، أي مشتقًا من الحيا بالقصر وهو المطر، وقال ابن السيد البطليوسي في «شرح مشكل الموطإ»: أحيا الناس يحيون، إذا حييت أموالهم وأخصبوا، كما يقال: أهزل الناس فهم مهزلون، إذا أجدبوا فهزلت أموالهم اهـ. وهذا الوجه هو الذي رجَّحه أكثر الرواة للموطأ وهو الأظهر عربية.
الوجه الثاني: أن يكون من حيي الناس إذا صاروا أحياء، بمعنى: رجعوا إلى حالة الشبع على تشبيه الجدب والجوع بالموت، وتشبيه الشبع والخصب بالحياة على نحو قوله تعالى:{فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الجاثية: ٥]، {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا}[ق: ١١]، قال ابن السيد في «شرح مشكل الموطإ»: والفقهاء يروونه يحيا ويحيون (أي: بفتح الياءين في الفعلين) والوجه هنا ما تقدم اهـ. فهذا الوجه دون الوجه الأول.