للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجمل في كتاب الله، وأن المسموع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيان لذلك المجمل. وهذا كقول ابن مسعود حين لعن الواشمة والواصلة: مالي لا ألعن من لعن رسول الله وهو في كتاب الله، فقالت له امرأة: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، فقال: إن كنت قرأتيه لقد وجدته، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

وقوله: «ما حدثتكموه» أي: خشية التقصير في غير هذا العمل من الصالحات مع أن مقصد الدين جعل المسلم بين حالي الخوف والرجاء، فكاد أن يمسك عن الحديث به.

ورواية «لولا آية في كتاب الله» بهمزة وتحتية يتعين أن تحمل على مثل رواية (أنه) بالهمزة والنون، كما تدل عليه رواية أبي مصعب، حيث لم تناف قول مالك عقبه: «أراه هذه الآية» إلخ فيكون المراد بما في كتاب الله على الروايتين قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ} [هود: ١١٤]. وفي «صحيح مسلم» عن عروة بن الزبير أن عثمان أراد قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: ١٥٩]. وهو بعيد عندي أن يكون هو المراد؛ لأن المقصود بـ {الَّذِينَ يَكْتُمُون} في تلك الآية اليهود الذين كتموا البشارة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكتموا أحكامًا من التوراة، فأنسوها مثل حكم الرجم؛ ولأن محملها على كتمان الوحي الذي بكتمانه يضيع لفظه دون كتمان بعض ما يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقد أمسك كثير من الصحابة عن التحدث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

وفيما ذكرنا ما ينبهك على أن اختيار مالك رحمه الله رواية (أنه) بهمزة ونون دون (آية) بالهمزة والتحتية مع أن كلتيهما مروي عن عمرو عن حمران هو من بديع صنع مالك في هذا الكتاب؛ فغفل عنه كثير من ذوي الألباب.

***

<<  <   >  >>