وغايته: إيصال كل ذي حق حقه من التركة. والتركة: حق يقبل التجزي، يثبت لمستحقه بعد موت من كان له ذلك.
والحقوق المتعلقة بالتركة خمسة باستقراء الفقهاء أشار لها على الترتيب بقوله:
(يبدأ من تركة الميت): من رأس المال ولو أتي على جميع التركة (بحق تعلق بعين): أي ذات (كمرهون) في دين فيقدم وجوباً لتعلق حق المرتهن به على مؤن التجهيز (و) كعبد (جان): غير مرهون فإنه في مرتبة المرهون، أما لو كان مرهوناً في دين وجنى فقد تعلق به حقان، وتقدم الجناية على الرهن كما أشار له في باب الرهن بقوله: وإن ثبتت -أي جناية- الرهن فإن أسلمه مرتهنه فللمجني عليه بماله إلخ. وأدخلت الكاف زكاة الحرث والماشية في عام موته حيث مات بعد وجوبها وأم الولد وسلعة المفلس بالفعل.
(فمؤن تجهيزه): تقدم على الديون
ــ
التي تلحقها لذاتها لا بواسطة أمر خارج عنها ككون نصفها للزوج عند عدم الفرع الوارث، وكون ثمنها للزوجة عند وجود الفرع الوارث وهكذا، والمراد بالبحث عن العوارض الذاتية حمل تلك العوارض عليها فتحصل مسائل العلم بحيث يقال التركة ربعها للزوج عند وجود الفرع الوارث وهكذا، ووصف العوارض بالذاتية للتخصيص مثلاً ككون ربع التركة للزوجة أمر عارض ذاتي لها؛ لأنه إنما لحق التركة من حيث كونها تركة لا بواسطة شيء بخلاف ما يعرض لها من حرق مثلاً فإنه عارض غريب عنها بواسطة النار لا يبحث عنه في ذلك العلم أفاده محشي الأصل.
قوله: [وغايته إيصال كل ذي حق حقه] إلخ: أي ويقال في تفسير الغاية أيضاً هي حصول ملكة للإنسان توجب سرعة الجواب على وجه الصحة والصواب.
قوله: [حق]: هذا جنس يتناول المال وغيره كالخيار والشفعة والقصاص والولاء والولاية، فإذا اشترى زيد سلعة بالخيار ومات قبل انقضاء أمدها انتقل الخيار لوارثه، وإذا كانت دار شركة بين زيد وعمر وباع زيد حصته وثبتت الشفعة لعمرو ومات عمرو قبل أخذه بها انتقل الحق في الشفعة لوارثه، وإذا قتل زيد عمراً وكان بكر أخاً لعمرو ومات بكر انتقل الحق في القصاص لوارثه، وكما إذا مات المعتق فإن عصبته تقوم مقامه فيه، وكما إذا كانت الولاية للابن ومات فينتقل الحق فيها لابنه.
قوله: [يقبل التجزي]: خرج ولاية النكاح لعدم قبولها التجزي.
قوله: [يثبت لمستحقه]: أي بقرابة أو نكاح أو ولاء ولا بد من هذا القيد لإخراج الوصية بناء على أنها تملك بالموت لا بالتنفيذ.
قوله: [بعد موت] إلخ: خرج به الحقوق الثابتة بالشراء والاتهاب ونحوهما فلا تسمى تركة.
قوله: [باستقراء الفقهاء]: أي فإن الفقهاء تتبعوا مسائل الفقه فلم يجدوها تزيد على هذه المراتب الخمس، وبعضهم جعله عقلياً وفيه نظر؛ لأن العقل يجوز أكثر من ذلك إلا أن يكون مراده الحصر بالنسبة لما وجد في الخارج لقوله الحق المتعلق بالتركة إما ثابت قبل الموت أو بالموت، والثابت قبله إما أن يتعلق بالعين أو لا، فالأول الحقوق المالية وهو الذي صدر به المصنف والثاني الدين المطلق وهو الذي ذكره بقوله بقضاء دينه، والثابت بالموت إما للميت وهو مؤن تجهيزه وثنى به المصنف، وإما لغيره منه باختياره وهو الوصية وبها ربع المصنف، وإما لغيره بسببه بغير اختياره وهو الميراث وذكره خامساً وأخره لطول الكلام عليه ولأنه المقصود بالباب.
قوله: [لتعلق حق المرتهن به]: أي بذاته ولو كان ذلك المرهون كفن الميت الذي ليس له ما يكفن به غيره.
قوله: [فللمجني عليه]: أي فهو للمجني عليه مع ماله ويصير الدين بلا رهن وإن فداه بغير إذن الراهن ففداؤه في رقبته فقط إن لم يرهن بماله وبإذنه فليس رهناً في الفداء بل في الدين فقط.
قوله: [حيث مات بعد وجوبها]: أي فإذا مات المالك بعد الحول أو الطيب أخرجت زكاتهما أولاً قبل الكفن وقبل وفاء الدين والميراث، وهذا إذا كان الحرث غير مرهون، فإن كان مرهوناً، والدين يستغرق جميعها فاستظهر الأجهوري أن رب الدين يقدم بدينه على الزكاة مستنداً في ذلك لقول ابن رشد: إن حق الآدمي مقدم على حق الله؛ لأن مقتضاه تقديم رب الدين بدينه على الزكاة، قال (بن): وفي هذا الاستناد نظر؛ لأن كلام ابن رشد فيما يتعلق بالذمة، وأما الحب فالفقراء شركاء في عينه فلا ملك للميت في حظهم حتى يؤخذ منه دينه.
قوله: [وسلعة المفلس بالفعل]: أي الذي حكم عليه القاضي بالفلس قبل موته وحينئذ فلا يقال إن هذا مخالف لما تقدم في الفلس من أن للغريم أخذ عين ماله المحاز عنه في الفلس لا الموت لحمل ما هنا على ما إذا قام بائعها بثمنها على المشتري قبل موته فوجده مفلساً وحكم له بأخذها ثم مات قبل أخذ صاحبها لها بالفعل فيأخذها ويقدم بها على مؤن التجهيز؛ لأنه