للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن ترافعوا إلينا) فيجب الحكم بينهم وأما قوله تعالى {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} [المائدة: ٤٢] فمنسوخ الحكم. ومفهوم: "ترافعوا" فيه تفصيل ذكره الخرشي.

(ولا من جهل تأخر موته): أي أن الجهل بتأخر الموت مانع من الإرث؛ لأن شرط الإرث تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، فرجع إلى أن موجب عدم الإرث هو الشك في الشرط. فإذا مات قوم من الأقارب تحت هدم أو في حرق فنقدر أن كل واحد كأنه لم يخلف صاحبه، وإنما خلف الأحياء من ورثته. فلو مات رجل وزوجته وثلاثة بنين له منها تحت هدم مثلا وجهل موت السابق منهم، وترك الأب زوجة أخرى، وتركت الزوجة ابناً لها من غير زوجها الميت؛ فللزوجة الربع، وما بقي للعاصب، ومال الزوجة لابنها الحي، وسدس مال البنين لأخيهم لأمهم، وباقيه للعاصب. وشمل الجهل ما إذا ماتا مرتين ولم يعلم السابق ولا يدخل في كلامه ما إذا مات أخوان مثلاً أحدهما عندالزوال بالمغرب والآخر عند الزوال بالمشرق فلا يقال: ماتا معاً في وقت فلا يتوارثان؛ لأن زوال المشرق مقدم فالوارث من مات عند الزوال بالمغرب.

(ووقف القسم للحمل): أي لأجله، فإذا وضع الحمل قسمت التركة واليأس من حملها كالوضع بمضي أقصى أمد الحمل، فاللام للتعليل فإذا مات وترك ورثة وزوجة أو أمة أو زوجة أخيه أو ابنه أو أمه المتزوجة بغير أبيه حاملاً، فالمشهور عندنا: أن القسم يوقف إلى وضع ذلك الحمل أو اليأس منه بمضي أقصى أمد الحمل، ولا يعجل القسم في المحقق، وقال أشهب: يعجل في المحقق فتعطى الزوجة أقل سهميها [١] وهو قول أبي حنيفة. والمعتمد عند الشافعية تعجيل القسم والبناء على اليقين والأقل، فمن مات وترك زوجة حاملاً وأخاً لغير أم فلا يعطى شيئاً قبل الوضع إجماعاً، فلو خلف زوجة حاملاً وابناً فلا تعطى الزوجة شيئاً قبل القسم على المشهور عندنا، وتعطى الثمن عند الأئمة الثلاثة وقال به أشهب

(و) وقف (مال المفقود) عن القسم بين الورثة

ــ

ممن لا كتاب لهم ملة قال ابن يونس: وهو الصواب، نقله ابن علاق وكلامه يفيد أن المعتمد أن غير اليهودية والنصرانية ملل وهو ظاهر المدونة والأمهات لقولها: ولا يتوارث أهل الملل من أهل الكفر. اهـ. إذا علمت ذلك فالمناسب للشارح أن يقول بظاهر الأمهات.

قوله: [إن ترافعوا إلينا]: أي جميعهم راضين بحكمنا.

قوله: [فمنسوخ الحكم]: أي من حيث التخيير. قوله: [ومفهوم ترافعوا فيه تفصيل]: أي وهو أنه لا نتعرض لهم إلا أن يسلم بعضهم بعد موت مورثه وإلا فيحكم بينهم بحكم الإسلام من غير اعتبار الآبي لشرف المسلم، هذا إن لم يكونوا كتابيين فإن كانوا كتابيين وأسلم بعضهم بعد موت مورثه فنحكم بينهم بحكم مواريثهم بأن نسأل القسيسين عمن يرث وعمن لا يرث، وعن القدر الذي يورث عندهم ويحكم بينهم بذلك إلا أن يرضوا جميعاً بحكمنا وإلا حكمنا بينهم بشرعنا.

قوله: [فرجع إلى أن موجب عدم الإرث] إلخ: أي فعده من الموانع فيه تسمح فتكون الموانع الحقيقية ثلاثة الرق والقتل واختلاف الدين، وأما ما زيد عليها فهي عدم شروط.

قوله: [فالوارث من مات عند الزوال بالمغرب]: أي لتأخر حياته جزماً قاله القرافي في الذخيرة قال ابن الهائم وما قاله يتعين الجزم به ويعايا بها فيقال أخوان ماتا عند الزوال ورث أحدهما الآخر.

تنبيه: لا توارث بين المتلاعنين إذا التعن والتعنت بعده وإلا فيرثها. والحاصل أنه إن حصل اللعان من كل على الترتيب الشرعي لم يرث أحدهما الآخر، وإن التعن أحدهما فقط توارثا ولا توارث بينه وبين ولده الذي لاعن فيه التعنت أم لا، وأما أمه فترثه على كل حال، واللعان المذكور مانع من سبب الميراث الذي هو الزوجية، فعدم الإرث فيه لانتفاء السبب لا لوجود المانع، إذ المانع يجامع السبب ولا سبب هنا، وأما بين الزوج وولده فمانع للحكم لأنه لو استلحقه ورث أو يقال هو مانع للسبب بشرط عدم الاستلحاق. واعلم أن توأمي الملاعنة من الحمل الذي لاعنت فيه شقيقان على المشهور كالمستأمنة والمسبية، وأما توأما الزانية والمغتصبة فأخوان لأم على المشهور أيضاً.

قوله: [وقف القسم للحمل]: هذا شروع من المصنف في مسائل الإشكال وهي ثلاثة: لأنه إما بسبب احتمال الذكورة والأنوثة وهي مسألة الخنثى الآتية، وإما بسبب احتمال الحياة والموت وهي مسألة المفقود، وإما بسبب احتمالهما وهي مسألة الحمل هذه.

قوله: [وترك ورثة وزوجة] إلخ: المراد أنه ترك امرأة حاملة بوارث.

قوله: [ولا يعجل القسم في المحقق]: هذا مذهب ابن القاسم.

قوله: [قبل القسم]: الأوضح أن يقول قبل الوضع.

قوله: [وقال به أشهب]: رد بأنه يحتمل تلف التركة قبل الوضع فتأخذ الزوجة دون غيرها وهو ظلم، ولا يمكن الرجوع بما أخذته؛ لأنها تقول أخذته بوجه جائز.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (سهمها).

<<  <  ج: ص:  >  >>